القول في تأويل
قوله تعالى : ( ولقد أرسلنا موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فقال إني رسول رب العالمين ( 46 )
فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون ( 47 ) )
[ ص: 614 ]
يقول - تعالى ذكره - : ولقد أرسلنا يا
محمد موسى بحججنا إلى
فرعون وأشراف قومه ، كما أرسلناك إلى هؤلاء المشركين من قومك ، فقال لهم
موسى : إني رسول رب العالمين ، كما قلت أنت لقومك من
قريش . إني رسول الله إليكم .
(
فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون ) يقول : فلما جاء
موسى فرعون وملأه بحججنا وأدلتنا على صدق قوله ، فيما يدعوهم إليه من توحيد الله والبراءة من عبادة الآلهة ، إذا
فرعون وقومه مما جاءهم به
موسى من الآيات والعبر يضحكون؛ كما أن قومك مما جئتهم به من الآيات والعبر يسخرون ، وهذا تسلية من الله عز وجل نبيه - صلى الله عليه وسلم - عما كان يلقى من مشركي قومه ، وإعلام منه له ، أن قومه من أهل الشرك لن يعدو أن يكونوا كسائر الأمم الذين كانوا على منهاجهم في الكفر بالله وتكذيب رسله ، وندب منه نبيه - صلى الله عليه وسلم - إلى الاستنان في الصبر عليهم بسنن أولي العزم من الرسل ، وإخبار منه له أن عقبى مردتهم إلى البوار والهلاك كسنته في المتمردين عليه قبلهم ، وإظفاره بهم ، وإعلائه أمره ، كالذي فعل
بموسى عليه السلام ، وقومه الذين آمنوا به من إظهارهم على فرعون وملئه .