القول في
تأويل قوله تعالى : ( وقالوا يا أيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون ( 49 )
فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون ( 50 ) )
يقول - تعالى ذكره - : وقال
فرعون وملؤه
لموسى : (
يا أيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك ) وعنوا بقولهم " بما عهد عندك " : بعهده الذي عهد إليك أنا إن آمنا بك واتبعناك ، كشف عنا الرجز .
كما حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قول الله عز وجل (
بما عهد عندك ) قال لئن آمنا ليكشفن عنا العذاب .
إن قال لنا قائل : وما وجه قيلهم يا أيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك ، وكيف سموه ساحرا وهم يسألونه أن يدعو لهم ربه ليكشف عنهم العذاب ؟ قيل : إن الساحر كان عندهم معناه : العالم ، ولم يكن السحر عندهم ذما ، وإنما دعوه بهذا الاسم ، لأن معناه عندهم كان : يا أيها العالم .
وقوله : ( إننا لمهتدون ) يقول : قالوا : إنا لمتبعوك فمصدقوك فيما جئتنا
[ ص: 616 ] به ، وموحدوا الله فمبصروا سبيل الرشاد .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
يا أيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون ) قال : قالوا يا
موسى : ادع لنا ربك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك .
وقوله : (
فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون ) يقول - تعالى ذكره - : فلما رفعنا عنهم العذاب الذي أنزلنا بهم ، الذي وعدوا أنهم إن كشف عنهم اهتدوا لسبيل الحق ، إذا هم بعد كشفنا ذلك عنهم ينكثون العهد الذي عاهدونا : يقول : يغدرون ويصرون على ضلالهم ، ويتمادون في غيهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
إذا هم ينكثون ) : أي يغدرون .