القول في
تأويل قوله تعالى : ( فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم ( 65 )
هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون ( 66 ) )
اختلف أهل التأويل في المعنيين بالأحزاب ، الذين ذكرهم الله فى هذا الموضع ، فقال بعضهم : عنى بذلك : الجماعة التي تناظرت في أمر
عيسى ، واختلفت فيه .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، في قوله : (
فاختلف الأحزاب من بينهم ) قال : هم الأربعة الذين أخرجهم
بنو إسرائيل يقولون في
عيسى . وقال آخرون : بل هم
اليهود والنصارى .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
محمد قال : ثنا
أحمد قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، في قوله : (
فاختلف الأحزاب من بينهم ) قال :
اليهود والنصارى . والصواب من القول في ذلك أن يقال : معنى ذلك : فاختلف الفرق المختلفون في
عيسى ابن مريم من بين من دعاهم
عيسى إلى ما دعاهم إليه من اتقاء الله والعمل بطاعته ، وهم
اليهود والنصارى ، ومن اختلف فيه من
[ ص: 637 ] النصارى ، لأن جميعهم كانوا أحزابا مبتسلين مختلفي الأهواء مع بيانه لهم أمر نفسه ، وقوله لهم : (
إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم ) .
وقوله : (
فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم ) يقول - تعالى ذكره - فالوادي السائل من القيح والصديد في جهنم للذين كفروا بالله ، الذين قالوا في
عيسى ابن مريم بخلاف ما وصف
عيسى به نفسه في هذه الآية (
من عذاب يوم أليم ) يقول : من عذاب يوم مؤلم ، ووصف اليوم بالإيلام ، إذ كان العذاب الذي يؤلمهم فيه ، وذلك يوم القيامة .
كما حدثنا
محمد قال : ثنا
أحمد قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي (
من عذاب يوم أليم ) قال : من عذاب يوم القيامة .
وقوله : (
هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة ) يقول : هل ينظر هؤلاء الأحزاب المختلفون في
عيسى ابن مريم ، القائلون فيه الباطل من القول ، إلا الساعة التي فيها تقوم القيامة فجأة (
وهم لا يشعرون ) يقول : وهم لا يعلمون بمجيئها .