القول في
تأويل قوله تعالى : ( أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون ( 79 )
أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون ( 80 ) )
يقول - تعالى ذكره - : أم أبرم هؤلاء المشركون من
قريش أمرا فأحكموه ، يكيدون به الحق الذي جئناهم به ، فإنا محكمون لهم ما يخزيهم ، ويذلهم من النكال .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله : (
أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون ) قال : مجمعون : إن كادوا شرا كدنا مثله .
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة في قوله : (
أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون ) قال : أم أجمعوا أمرا فإنا مجمعون .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله :
[ ص: 647 ] (
أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون ) قال : أم أحكموا أمرا فإنا محكمون لأمرنا .
وقوله : (
أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم ) يقول : أم يظن هؤلاء المشركون بالله أنا لا نسمع ما أخفوا عن الناس من منطقهم ، وتشاوروا بينهم وتناجوا به دون غيرهم ، فلا نعاقبهم عليه لخفائه علينا .
وقوله : (
بلى ورسلنا لديهم يكتبون ) يقول - تعالى ذكره - : بل نحن نعلم ما تناجوا به بينهم ، وأخفوه عن الناس من سر كلامهم ، وحفظتنا لديهم - يعني عندهم - يكتبون ما نطقوا به من منطق ، وتكلموا به من كلامهم .
وذكر أن هذه الآية نزلت في نفر ثلاثة تدارءوا في سماع الله - تبارك وتعالى - كلام عباده .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
عمرو بن سعيد بن يسار القرشي قال : ثنا
أبو قتيبة قال : ثنا
عاصم بن محمد العمري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812528بينا ثلاثة بين الكعبة وأستارها - قرشيان وثقفي أو ثقفيان وقرشي - فقال واحد من الثلاثة : أترون الله يسمع كلامنا ؟ فقال الأول : إذا جهرتم سمع ، وإذا أسررتم لم يسمع . قال الثاني : إن كان يسمع إذا أعلنتم ، فإنه يسمع إذا أسررتم ، قال : فنزلت ( أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون ) .
وبنحو الذي قلنا في معنى قوله : (
بلى ورسلنا لديهم يكتبون ) قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد قال : ثنا
أحمد قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي (
بلى ورسلنا لديهم يكتبون ) قال : الحفظة .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد . عن
قتادة (
بلى ورسلنا لديهم يكتبون ) : أي عندهم .