القول في
تأويل قوله تعالى : ( ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون ( 87 )
وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ( 88 ) )
يقول - تعالى ذكره - : ولئن سألت يا
محمد هؤلاء المشركين بالله من قومك : من خلقهم ؟ ليقولن : الله خلقنا .
(
فأنى يؤفكون ) فأي وجه يصرفون عن عبادة الذي خلقهم ، ويحرمون إصابة الحق في عبادته .
وقوله : (
وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ) اختلفت القراء في قراءة قوله :
(
وقيله ) فقرأته عامة قراء المدينة ومكة
والبصرة " وقيله " بالنصب . وإذا قرئ كذلك ذلك ، كان له وجهان في التأويل : أحدهما العطف على قوله : (
أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم ) ونسمع قيله يا رب . والثاني : أن يضمر له ناصب ، فيكون معناه حينئذ : وقال قوله : (
يارب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون فاصفح عنهم )
[ ص: 656 ] وشكا
محمد شكواه إلى ربه . وقرأته عامة قراء
الكوفة (
وقيله ) بالخفض على معنى : وعنده علم الساعة ، وعلم قيله .
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار صحيحتا المعنى فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب . فتأويل الكلام إذن : وقال
محمد قيله شاكيا إلى ربه - تبارك وتعالى - قومه الذين كذبوه ، وما يلقى منهم : يا رب إن هؤلاء الذين أمرتني بإنذارهم وأرسلتني إليهم لدعائهم إليك قوم لا يؤمنون .
كما حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قوله : (
وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ) قال : فأبر الله عز وجل قول
محمد - صلى الله عليه وسلم - .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ) قال : هذا قول نبيكم - عليه الصلاة والسلام - يشكو قومه إلى ربه .
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
وقيله يا رب ) قال : هو قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (
إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ) .