القول في
تأويل قوله تعالى : ( فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون ( 89 ) )
يقول - تعالى ذكره - لنبيه
محمد - صلى الله عليه وسلم - جوابا له عن دعائه إياه إذ قال : " يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون " (
فاصفح عنهم ) يا
محمد ، وأعرض عن أذاهم ( وقل ) لهم ( سلام ) عليكم ، ورفع سلام بضمير عليكم أو لكم .
واختلف القراء في قراءة قوله : (
فسوف يعلمون ) فقرأ ذلك عامة قراء
[ ص: 657 ] المدينة " فسوف تعلمون " بالتاء على وجه الخطاب ، بمعنى : أمر الله - عز وجل - نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يقول ذلك للمشركين ، مع قوله : ( سلام ) وقرأته عامة قراء
الكوفة وبعض قراء
مكة (
فسوف يعلمون ) بالياء على وجه الخبر ، وأنه وعيد من الله للمشركين ، فتأويله على هذه القراءة : (
فاصفح عنهم ) يا محمد (
وقل سلام ) . ثم ابتدأ - تعالى ذكره - الوعيد لهم ، فقال (
فسوف يعلمون ) ما يلقون من البلاء والنكال والعذاب على كفرهم ، ثم نسخ الله - جل ثناؤه - هذه الآية ، وأمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - بقتالهم .
كما حدثنا
محمد بن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
فاصفح عنهم وقل سلام ) قال : اصفح عنهم ، ثم أمره بقتالهم .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قال الله - تبارك وتعالى - يعزي نبيه - صلى الله عليه وسلم - (
فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون ) .
آخر تفسير سورة الزخرف