القول في
تأويل قوله تعالى : ( رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين ( 7 )
لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم الأولين ( 8 )
بل هم في شك يلعبون ( 9 ) )
[ ص: 12 ]
اختلف القراء في قراءة قوله (
رب السماوات والأرض ) فقرأته عامة قراء
المدينة والبصرة " رب السماوات " بالرفع على إتباع إعراب الرب إعراب " السميع العليم " . وقرأته عامة قراء
الكوفة وبعض المكيين " رب السماوات " خفضا ردا على الرب في قوله - جل جلاله - (
رحمة من ربك ) .
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .
ويعني بقوله (
رب السماوات والأرض وما بينهما ) يقول - تعالى ذكره - : الذي أنزل هذا الكتاب يا
محمد عليك ، وأرسلك إلى هؤلاء المشركين رحمة من ربك ، مالك السماوات السبع والأرض وما بينهما من الأشياء كلها .
وقوله (
إن كنتم موقنين ) يقول : إن كنتم توقنون بحقيقة ما أخبرتكم من أن ربكم رب السماوات والأرض ، فإن الذي أخبرتكم - أن الله هو الذي هذه الصفات صفاته ، وأن هذا القرآن تنزيله ،
ومحمدا - صلى الله عليه وسلم - رسوله - حق يقين ، فأيقنوا به كما أيقنتم بما توقنون من حقائق الأشياء غيره .
وقوله (
لا إله إلا هو ) يقول : لا معبود لكم - أيها الناس - غير رب السماوات والأرض وما بينهما ، فلا تعبدوا غيره ، فإنه لا تصلح العبادة لغيره ، ولا تنبغي لشيء سواه . يحيي ويميت ، يقول : هو الذي يحيي ما يشاء ، ويميت ما يشاء مما كان حيا .
وقوله (
ربكم ورب آبائكم الأولين ) يقول : هو مالككم ومالك من مضى قبلكم من آبائكم الأولين ، يقول : فهذا الذي هذه صفته ، هو الرب فاعبدوه دون آلهتكم التي لا تقدر على ضر ولا نفع .
وقوله (
بل هم في شك يلعبون ) يقول - تعالى ذكره - ما هم بموقنين بحقيقة ما يقال لهم ويخبرون من هذه الأخبار - يعني بذلك مشركي
قريش - ولكنهم
[ ص: 13 ] في شك منه ، فهم يلهون بشكهم في الذي يخبرون به من ذلك .