القول في
تأويل قوله تعالى : ( يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون ( 16 )
ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم ( 17 )
أن أدوا إلي عباد الله إني لكم رسول أمين ( 18 ) )
يقول - تعالى ذكره - : إنكم - أيها المشركون - إن كشفت عنكم العذاب النازل بكم ، والضر الحال بكم ، ثم عدتم في كفركم ، ونقضتم عهدكم الذي عاهدتم
[ ص: 22 ] ربكم ، انتقمت منكم يوم أبطش بكم بطشتي الكبرى في عاجل الدنيا ، فأهلككم ، وكشف الله عنهم ، فعادوا ، فبطش بهم - جل ثناؤه - بطشته الكبرى في الدنيا ، فأهلكهم قتلا بالسيف .
وقد اختلف أهل التأويل في البطشة الكبرى ، فقال بعضهم : هي بطشة الله بمشركي
قريش يوم
بدر .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى قال : ثني
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
داود ، عن
عامر ، عن
ابن مسعود ، أنه قال : البطشة الكبرى : يوم
بدر .
حدثني
عبد الله بن محمد الزهري قال : ثنا
مالك بن سعير قال : ثنا
الأعمش ، عن
مسلم ، عن
مسروق قال : يوم
بدر البطشة الكبرى .
حدثني
يعقوب قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية قال : ثنا
أيوب ، عن
محمد قال : نبئت أن
ابن مسعود كان يقول : (
يوم نبطش البطشة الكبرى ) يوم
بدر .
حدثني
يعقوب قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
ليث ، عن
مجاهد (
يوم نبطش البطشة الكبرى ) قال : يوم
بدر .
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله (
يوم نبطش البطشة الكبرى ) قال : يوم
بدر .
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
ابن أبي عدي ، عن
عوف قال : سمعت
أبا العالية في هذه الآية (
يوم نبطش البطشة الكبرى ) قال : يوم
بدر .
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله (
يوم نبطش البطشة الكبرى ) قال : يعني يوم
بدر .
حدثنا
أبو كريب قال : ثنا
عثام بن علي ، عن
الأعمش ، عن
إبراهيم ،
[ ص: 23 ] قال : قلت : ما البطشة الكبرى ؟ فقال : يوم القيامة ، فقلت : إن
عبد الله كان يقول : يوم
بدر . قال : فبلغني أنه سئل بعد ذلك فقال : يوم
بدر .
حدثنا
أبو كريب وأبو السائب قالا : ثنا
ابن إدريس ، عن
الأعمش ، عن
إبراهيم بنحوه .
حدثنا
بشر ، ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، عن
أبي الخليل ، عن
مجاهد ، عن
أبي بن كعب قال : يوم
بدر .
حدثت عن
الحسين قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله (
يوم نبطش البطشة الكبرى ) يوم
بدر .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد فى قوله (
يوم نبطش البطشة الكبرى ) قال : هذا يوم
بدر .
وقال آخرون : بل هي بطشة الله بأعدائه يوم القيامة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يعقوب بن إبراهيم قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية قال : ثنا
خالد الحذاء ، عن
عكرمة قال : قال
ابن عباس : قال
ابن مسعود : البطشة الكبرى : يوم
بدر ، وأنا أقول : هي يوم القيامة .
حدثنا
أبو كريب وأبو السائب قالا : ثنا
ابن إدريس قال : ثنا
الأعمش ، عن
إبراهيم قال : مر بي
عكرمة فسألته عن البطشة الكبرى ، فقال : يوم القيامة . قال : قلت : إن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود كان يقول : يوم
بدر ، وأخبرني من سأله بعد ذلك فقال : يوم
بدر .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، في قوله (
يوم نبطش البطشة الكبرى ) قال
قتادة عن
الحسن : إنه يوم القيامة .
وقد بينا الصواب في ذلك فيما مضى ، والعلة التي من أجلها اخترنا ما اخترنا من القول فيه .
[ ص: 24 ]
وقوله (
ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون ) يعني - تعالى ذكره - : ولقد اختبرنا وابتلينا يا
محمد قبل مشركي قومك مثال هؤلاء قوم
فرعون من القبط (
وجاءهم رسول كريم ) يقول : وجاءهم رسول من عندنا أرسلناه إليهم ، وهو
موسى بن عمران صلوات الله عليه .
كما حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله (
ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم ) يعني
موسى .
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة في قوله (
رسول كريم ) قال :
موسى عليه السلام . ووصفه - جل ثناؤه - بالكرم ؛ لأنه كان كريما عليه ، رفيعا عنده مكانه . وقد يجوز أن يكون وصفه بذلك ؛ لأنه كان في قومه شريفا وسيطا .
وقوله (
أن أدوا إلي عباد الله ) يقول - تعالى ذكره - : وجاء قوم
فرعون رسول من الله كريم عليه بأن ادفعوا إلي ، ومعنى" أدوا" : ادفعوا إلي فأرسلوا معي واتبعون ، وهو نحو قوله (
أن أرسل معنا بني إسرائيل ) فأن في قوله (
أن أدوا إلي ) نصب ، وعباد الله نصب بقوله ( أدوا ) وقد تأوله قوم : أن أدوا إلي يا عباد الله ، فعلى هذا التأويل " عباد الله" نصب على النداء .
وبنحو الذي قلنا في تأويل (
أن أدوا إلي ) قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله (
ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم أن أدوا إلي عباد الله إني لكم رسول أمين ) قال : يقول : اتبعوني إلى ما أدعوكم إليه من الحق .
حدثني
محمد بن عمرو قال : يقول : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله (
أن أدوا إلي عباد الله ) قال : أرسلوا معي
بني إسرائيل .
[ ص: 25 ]
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
أن أدوا إلي عباد الله ) قال :
بني إسرائيل .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
أن أدوا إلي عباد الله ) يعني به
بني إسرائيل ، قال
لفرعون : علام تحبس هؤلاء القوم ، قوما أحرارا اتخذتهم عبيدا ، خل سبيلهم .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله (
أن أدوا إلي عباد الله ) قال : يقول : أرسل عباد الله معي ، يعني
بني إسرائيل ، وقرأ (
فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم ) قال : ذلك قوله (
أن أدوا إلي عباد الله ) قال : ردهم إلينا .
وقوله (
إني لكم رسول أمين ) يقول : إني لكم أيها القوم رسول من الله أرسلني إليكم لا يدرككم بأسه على كفركم به ، ( أمين ) : يقول : أمين على وحيه ورسالته التي أوعدنيها إليكم .