القول في
تأويل قوله تعالى : ( واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون ( 5 ) )
يقول تبارك وتعالى (
واختلاف الليل والنهار ) أيها الناس ، وتعاقبهما عليكم ، هذا بظلمته وسواده وهذا بنوره وضيائه (
وما أنزل الله من السماء من رزق ) وهو الغيث الذي به تخرج الأرض أرزاق العباد وأقواتهم ، وإحيائه الأرض بعد موتها : يقول : فأنبت ما أنزل من السماء من الغيث ميت الأرض ، حتى اهتزت بالنبات والزرع من بعد موتها ، يعني : من بعد جدوبها وقحوطها ومصيرها دائرة لا نبت فيها ولا زرع .
وقوله (
وتصريف الرياح ) يقول : وفي تصريفه الرياح لكم شمالا مرة ، وجنوبا أخرى ، وصبا أحيانا ، ودبورا أخرى لمنافعكم .
وقد قيل : عنى بتصريفها بالرحمة مرة ، وبالعذاب أخرى .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة في قوله (
وتصريف الرياح ) قال : تصريفها إن شاء جعلها رحمة; وإن شاء جعلها عذابا .
وقوله (
آيات لقوم يعقلون ) يقول - تعالى ذكره - : في ذلك أدلة وحجج لله على خلقه ، لقوم يعقلون عن الله حججه ، ويفهمون عنه ما وعظهم به من
[ ص: 62 ] الآيات والعبر .