القول في تأويل قوله تعالى : ( من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون ( 15 ) )
يقول - تعالى ذكره - : من عمل من عباد الله بطاعته فانتهى إلى أمره ، وانزجر لنهيه ، فلنفسه عمل ذلك الصالح من العمل ، وطلب خلاصها من عذاب الله ، أطاع ربه لا لغير ذلك ؛ لأنه لا ينفع ذلك غيره ، والله عن عمل كل عامل غني (
ومن أساء فعليها ) يقول : ومن أساء عمله في الدنيا بمعصيته فيها ربه ، وخلافه فيها أمره ونهيه ، فعلى نفسه جنى ؛ لأنه أوبقها بذلك ، وأكسبها به سخطه ، ولم يضر أحدا سوى نفسه (
ثم إلى ربكم ترجعون ) يقول : ثم أنتم أيها الناس أجمعون إلى ربكم تصيرون من بعد مماتكم ، فيجازي المحسن منكم بإحسانه ،
[ ص: 69 ] والمسيء بإساءته ، فمن ورد عليه منكم بعمل صالح ، جوزي من الثواب صالحا ، ومن ورد عليه منكم بعمل سيئ جوزي من الثواب سيئا .