القول في
تأويل قوله تعالى : ( وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم ( 11 ) )
يقول - تعالى ذكره - : وقال الذين جحدوا نبوة
محمد - صلى الله عليه وسلم - من
يهود بني إسرائيل للذين آمنوا به ، لو كان تصديقكم
محمدا على ما جاءكم به خيرا ، ما سبقتمونا إلى التصديق به ، وهذا التأويل على مذهب من تأول قوله (
وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله ) أنه معني به
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام ، فأما على تأويل من تأول أنه عني به مشركو
قريش ، فإنه ينبغي أن يوجه تأويل قوله (
وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه ) أنه عني به مشركو
قريش وكذلك كان يتأوله
قتادة ، وفي تأويله إياه كذلك ترك منه تأويله ، قوله (
وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله ) أنه معني به
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام .
ذكر الرواية عنه ذلك :
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه ) قال : قال ذاك أناس من المشركين : نحن أعز ، ونحن ، ونحن ، فلو كان خيرا ما سبقنا إليه فلان
[ ص: 109 ] وفلان ، فإن الله يختص برحمته من يشاء .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه ) قال : قد قال ذلك قائلون من الناس ، كانوا أعز منهم في الجاهلية ، قالوا : والله لو كان هذا خيرا ما سبقنا إليه بنو فلان وبنو فلان ، يختص الله برحمته من يشاء ، ويكرم الله برحمته من يشاء ، تبارك وتعالى .
وقوله (
وإذ لم يهتدوا به ) يقول - تعالى ذكره - : وإذ لم يبصروا
بمحمد وبما جاء به من عند الله من الهدى ، فيرشدوا به الطريق المستقيم (
فسيقولون هذا إفك قديم ) يقول : فسيقولون هذا القرآن الذي جاء به
محمد - صلى الله عليه وسلم - أكاذيب من أخبار الأولين قديمة ، كما قال - جل ثناؤه - مخبرا عنهم ، (
وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ) .