القول في
تأويل قوله تعالى : ( يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ( 31 )
ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين ( 32 ) )
يقول - تعالى ذكره - مخبرا عن قيل هؤلاء النفر من الجن (
يا قومنا من الجن أجيبوا داعي الله ) قالوا : أجيبوا رسول الله
محمدا إلى ما يدعوكم إليه من طاعة الله ( وآمنوا به ) يقول : وصدقوه فيما جاءكم به وقومه من أمر الله ونهيه ، وغير ذلك مما دعاكم إلى التصديق به (
يغفر لكم ) يقول : يتغمد لكم ربكم من ذنوبكم فيسترها لكم ولا يفضحكم بها في الآخرة بعقوبته إياكم عليها (
ويجركم من عذاب أليم ) يقول : وينقذكم من عذاب موجع إذا أنتم تبتم من ذنوبكم ، وأنبتم من كفركم إلى الإيمان بالله وبداعيه .
وقوله (
ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض ) يقول - تعالى ذكره - مخبرا عن قيل هؤلاء النفر لقومهم : ومن لا يجب أيها القوم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
محمدا ، وداعيه إلى ما بعثه بالدعاء إليه من توحيده ، والعمل بطاعته (
فليس بمعجز في الأرض ) يقول : فليس بمعجز ربه بهربه إذا أراد عقوبته على تكذيبه داعيه ، وتركه تصديقه وإن ذهب في الأرض هاربا ؛ لأنه حيث كان فهو في سلطانه وقبضته (
وليس له من دونه أولياء ) يقول : وليس لمن لم يجب داعي الله من دون ربه نصراء ينصرونه من الله إذا عاقبه ربه على كفره به وتكذيبه داعيه .
[ ص: 142 ]
وقوله (
أولئك في ضلال مبين ) يقول : هؤلاء الذين لم يجيبوا داعي الله فيصدقوا به ، وبما دعاهم إليه من توحيد الله ، والعمل بطاعته في جور عن قصد السبيل ، وأخذ على غير استقامة ، ( مبين ) : يقول : يبين لمن تأمله أنه ضلال ، وأخذ على غير قصد .