القول في تأويل قوله تعالى : (
ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم ( 11 )
إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم ( 12 ) )
يقول - تعالى ذكره - : هذا الفعل الذي فعلنا بهذين الفريقين : فريق الإيمان ، وفريق الكفر ، من نصرتنا فريق الإيمان بالله ، وتثبيتنا أقدامهم ، وتدميرنا على فريق الكفر (
بأن الله مولى الذين آمنوا ) يقول : من أجل أن الله ولي من آمن به وأطاع رسوله .
كما حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قوله (
ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا ) قال : وليهم .
وقد ذكر لنا أن ذلك في قراءة
عبد الله ( ذلك بأن الله ولي الذين آمنوا )
[ ص: 164 ] و" أن" التي في المائدة التي هي في مصاحفنا (
إنما وليكم الله ورسوله ) ( إنما مولاكم الله ) في قراءته .
وقوله (
وأن الكافرين لا مولى لهم ) يقول : وبأن الكافرين بالله لا ولي لهم ، ولا ناصر .
وقوله (
إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار ) يقول - تعالى ذكره - : إن الله له الألوهة التي لا تنبغي لغيره يدخل الذين آمنوا بالله وبرسوله بساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار ، يفعل ذلك بهم تكرمة على إيمانهم به وبرسوله .
وقوله (
والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام ) يقول - جل ثناؤه - : والذين جحدوا توحيد الله ، وكذبوا رسوله - صلى الله عليه وسلم - يتمتعون في هذه الدنيا بحطامها ورياشها وزينتها الفانية الدارسة ، ويأكلون فيها غير مفكرين في المعاد ، ولا معتبرين بما وضع الله لخلقه من الحجج المؤدية لهم إلى علم توحيد الله ومعرفة صدق رسله ، فمثلهم في أكلهم ما يأكلون فيها من غير علم منهم بذلك ، وغير معرفة ، مثل الأنعام من البهائم المسخرة التي لا همة لها إلا في الاعتلاف دون غيره (
والنار مثوى لهم ) يقول - جل ثناؤه - : والنار نار جهنم مسكن لهم ، ومأوى ، إليها يصيرون من بعد مماتهم .