القول في تأويل قوله تعالى : (
ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم ( 26 ) )
يقول - تعالى ذكره - : أملى الله لهؤلاء المنافقين وتركهم ، والشيطان سول لهم ، فلم يوفقهم للهدى من أجل أنهم (
قالوا للذين كرهوا ما نزل الله ) من الأمر بقتال أهل الشرك به من المنافقين : (
سنطيعكم في بعض الأمر ) الذي هو خلاف لأمر الله تبارك وتعالى ، وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - .
كما حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر ) فهؤلاء المنافقون (
والله يعلم إسرارهم ) يقول - تعالى ذكره - : والله يعلم إسرار هذين الحزبين المتظاهرين من أهل النفاق ، على خلاف أمر الله وأمر رسوله ، إذ يتسارون فيما بينهم بالكفر بالله ومعصية الرسول ، ولا يخفى عليه ذلك ولا غيره من الأمور كلها .
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء أهل
المدينة والبصرة ( أسرارهم ) بفتح الألف من " أسرارهم " على وجه جماع سر . وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة ( إسرارهم ) بكسر الألف على أنه مصدر من أسررت إسرارا .
والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .