القول في تأويل قوله تعالى : (
يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم ( 33 )
إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم ( 34 ) )
[ ص: 187 ]
يقول - تعالى ذكره - : (
يا أيها الذين آمنوا ) بالله ورسوله (
أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) في أمرهما ونهيهما (
ولا تبطلوا أعمالكم ) يقول : ولا تبطلوا بمعصيتكم إياهما ، وكفركم بربكم ثواب أعمالكم فإن الكفر بالله يحبط السالف من العمل الصالح .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله (
يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم ) . . . الآية ، من استطاع منكم أن لا يبطل عملا صالحا عمله بعمل سيئ فليفعل ، ولا قوة إلا بالله ، فإن الخير ينسخ الشر ، وإن الشر ينسخ الخير ، وإن ملاك الأعمال خواتيمها .
وقوله (
إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار ) يقول - تعالى ذكره - : إن الذين أنكروا توحيد الله ، وصدوا من أراد الإيمان بالله وبرسوله عن ذلك ، ففتنوهم عنه ، وحالوا بينهم وبين ما أرادوا من ذلك ، ثم ماتوا وهم كفار : يقول : ثم ماتوا وهم على ذلك من كفرهم (
فلن يغفر الله لهم ) يقول : فلن يعفو الله عما صنع من ذلك ، ولكنه يعاقبه عليه ، ويفضحه به على رءوس الأشهاد .