القول في تأويل قوله تعالى : (
إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون ( 18 ) )
يقول - تعالى ذكره - : إن الله أيها الأعراب لا يخفى عليه الصادق منكم من الكاذب ، ومن الداخل منكم في ملة الإسلام رغبة فيه ، ومن الداخل فيه رهبة من رسولنا
محمد - صلى الله عليه وسلم - وجنده ، فلا تعلمونا دينكم وضمائر صدوركم ، فإن الله يعلم ما تكنه ضمائر صدوركم ، وتحدثون به أنفسكم ، ويعلم ما غاب عنكم ، فاستسر في خبايا السموات والأرض ، لا يخفى عليه شيء من ذلك (
والله بصير بما تعملون ) يقول : والله ذو بصر بأعمالكم التي تعملونها ، أجهرا تعملون أم سرا ، طاعة تعملون أو معصية؟ وهو مجازيكم على جميع ذلك ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر وكفؤه .
و ( أن ) في قوله (
يمنون عليك أن أسلموا ) في موضع نصب بوقوع يمنون عليها ، وذكر أن ذلك في قراءة عبد الله (
يمنون عليك إسلامهم ) ، وذلك دليل على صحة ما قلنا ، ولو قيل : هي نصب بمعنى : يمنون عليك لأن أسلموا ، لكان وجها يتجه . وقال بعض أهل العربية : هي في موضع خفض . بمعنى : لأن أسلموا .
وأما ( أن ) التي في قوله (
بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان ) فإنها في موضع نصب بسقوط الصلة لأن معنى الكلام : بل الله يمن عليكم بأن هداكم للإيمان .
آخر تفسير سورة الحجرات