القول في
تأويل قوله جل ثناؤه : ( وأولئك هم المفلحون ( 5 ) )
وتأويل قوله : "
وأولئك هم المفلحون " أي أولئك هم المنجحون المدركون ما طلبوا عند الله تعالى ذكره بأعمالهم وإيمانهم بالله وكتبه ورسله ، من الفوز بالثواب ، والخلود في الجنان ، والنجاة مما أعد الله تبارك وتعالى لأعدائه من العقاب . كما : -
294 - حدثنا
ابن حميد ، قال : حدثنا
سلمة ، قال : حدثنا
ابن إسحاق ، عن
محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت ، عن
عكرمة ، أو عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس : (
وأولئك هم المفلحون ) أي الذين أدركوا ما طلبوا ، ونجوا من شر ما منه هربوا .
ومن الدلالة على أن أحد معاني الفلاح ، إدراك الطلبة والظفر بالحاجة ، قول
لبيد بن ربيعة :
اعقلي ، إن كنت لما تعقلي ، ولقد أفلح من كان عقل
يعني ظفر بحاجته وأصاب خيرا ، ومنه قول الراجز :
عدمت أما ولدت رياحا جاءت به مفركحا فركاحا
تحسب أن قد ولدت نجاحا! أشهد لا يزيدها فلاحا
يعني : خيرا وقربا من حاجتها . والفلاح مصدر من قولك : أفلح فلان يفلح إفلاحا وفلاحا وفلحا . والفلاح أيضا : البقاء ، ومنه قول
لبيد :
نحل بلادا ، كلها حل قبلنا ونرجو الفلاح بعد عاد وحمير
يريد البقاء ، ومنه أيضا قول
عبيد :
أفلح بما شئت ، فقد يدرك بالض عف ، وقد يخدع الأريب
يريد : عش وابق بما شئت ، وكذلك قول
نابغة بني ذبيان :
وكل فتى ستشعبه شعوب وإن أثرى ، وإن لاقى فلاحا
أي نجاحا بحاجته وبقاء .