القول في
تأويل قوله تعالى : ( فقربه إليهم قال ألا تأكلون ( 27 )
فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ( 28 )
فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ( 29 ) )
وقوله (
فقربه إليهم قال ألا تأكلون ) ؟ وفي الكلام متروك استغني بدلالة الظاهر عليه منه وهو فقربه إليهم ، فأمسكوا عن أكله ، فقال : ألا تأكلون؟ فأوجس منهم ، يقول : فأوجس في نفسه
إبراهيم من ضيفه خيفة وأضمرها (
قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ) يعني :
بإسحاق ، وقال : عليم بمعنى عالم إذا كبر ، وذكر
الفراء أن بعض المشيخة كان يقول : إذا كان للعلم منتظرا قيل : إنه لعالم عن قليل وغاية ، وفي السيد سائد ، والكريم كارم .
[ ص: 426 ] قال : والذي قال حسن . قال : وهذا أيضا كلام عربي حسن قد قاله الله في عليم وحكيم وميت .
وروي عن
مجاهد في قوله (
بغلام عليم ) ما حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قوله (
بغلام عليم ) قال :
إسماعيل .
وإنما قلت : عنى به
إسحاق ، لأن البشارة كانت بالولد من
سارة ،
وإسماعيل لهاجر لا
لسارة .
قوله (
فأقبلت امرأته في صرة ) يعني :
سارة ، وليس ذلك إقبال نقلة من موضع إلى موضع ، ولا تحول من مكان إلى مكان ، وإنما هو كقول القائل : أقبل يشتمني ، بمعنى : أخذ في شتمي . وقوله (
في صرة ) يعني : في صيحة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي قال : ثنا
أبو صالح قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله (
في صرة ) يقول : في صيحة .
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله (
فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها ) يعني بالصرة : الصيحة .
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
في صرة ) قال : صيحة .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله (
فأقبلت امرأته في صرة ) : أي أقبلت في رنة .
[ ص: 427 ]
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة في قوله ( صرة ) قال : أقبلت ترن .
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
العلاء بن عبد الكريم اليامي ، عن
ابن سابط قوله (
فأقبلت امرأته في صرة ) قال : في صيحة .
حدثنا
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله (
فأقبلت امرأته في صرة ) قال : الصرة : الصيحة .
حدثت عن
الحسين قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد قال ، سمعت
الضحاك يقول في قوله (
في صرة ) يعني : صيحة . وقد قال بعضهم : إن تلك الصيحة أوه مقصورة الألف .
وقوله (
فصكت وجهها ) اختلف أهل التأويل في معنى صكها ، والموضع الذي ضربته من وجهها ، فقال بعضهم : معنى صكها وجهها : لطمها إياه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي قال : ثنا
أبو صالح قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله (
فصكت وجهها ) يقول : لطمت .
وقال آخرون : بل ضربت بيدها جبهتها تعجبا .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
موسى بن هارون قال : ثنا
عمرو بن حماد قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قال : لما بشر
جبريل سارة بإسحاق ، ومن وراء
إسحاق يعقوب ، ضربت جبهتها عجبا ، فذلك قوله (
فصكت وجهها ) .
[ ص: 428 ]
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله (
فصكت وجهها ) قال : جبهتها .
حدثني
ابن حميد قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
العلاء بن عبد الكريم اليامي ، عن
ابن سابط قوله (
فصكت وجهها ) قال : قالت هكذا; وضرب سفيان بيده على جبهته .
قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان (
فصكت وجهها ) وضعت يدها على جبهتها تعجبا ، والصك عند العرب : هو الضرب . وقد قيل : إن صكها وجهها ، أن جمعت أصابعها ، فضربت بها جبهتها (
وقالت عجوز عقيم ) يقول : وقالت : أتلد ، وحذفت " أتلد " لدلالة الكلام عليه ، وبضمير أتلد رفعت عجوز عقيم ، وعنى بالعقيم : التي لا تلد .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى قال : ثنا
سليمان أبو داود قال : ثنا
شعبة ، عن
مشاش قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله (
عجوز عقيم ) قال : لا تلد .
حدثني
يعقوب بن إبراهيم قال : ثنا
هشيم قال : أخبرنا رجل من أهل
خراسان من
الأزد ، يكنى
أبا ساسان قال : سألت
الضحاك ، عن قوله ( عقيم ) قال : التي ليس لها ولد .