القول في
تأويل قوله تعالى : ( وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين ( 38 )
فتولى بركنه وقال ساحر أو مجنون ( 39 ) )
[ ص: 431 ]
يقول - تعالى ذكره - : وفي
موسى بن عمران إذ أرسلناه إلى
فرعون بحجة تبين لمن رآها أنها حجة
لموسى على حقيقة ما يقول ويدعو إليه .
كما حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله (
إلى فرعون بسلطان مبين ) يقول : بعذر مبين .
وقوله (
فتولى بركنه ) يقول : فأدبر
فرعون كما أرسلنا إليه
موسى بقومه من جنده وأصحابه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت ألفاظ قائليه فيه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي قال : ثنا
أبو صالح قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله (
فتولى بركنه ) يقول لقومه ، أو بقومه ، أنا أشك .
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله (
فتولى بركنه ) قال : بعضده وأصحابه .
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة في قوله (
فتولى بركنه ) غلب عدو الله على قومه .
حدثنا
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قول الله تبارك وتعالى (
فتولى بركنه ) قال : بجموعه التي معه ، وقرأ (
لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد ) قال : إلى قوة من الناس إلى ركن أجاهدكم به; قال :
وفرعون وجنوده ومن معه ركنه; قال : وما كان مع
لوط مؤمن واحد ; قال : وعرض عليهم أن ينكحهم بناته رجاء أن يكون له منهم عضد يعينه ، أو يدفع عنه ، وقرأ (
هؤلاء بناتي هن أطهر لكم ) قال : يريد النكاح ، فأبوا عليه ، وقرأ قول الله تبارك وتعالى : (
لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد ) . أصل الركن : الجانب والناحية التي يعتمد عليها ويقوى بها .
[ ص: 432 ]
وقوله (
وقال ساحر أو مجنون ) يقول : وقال
لموسى : هو ساحر يسحر عيون الناس ، أو مجنون ، به جنة . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12078معمر بن المثنى يقول : " أو " في هذا الموضع بمعنى " الواو " التي للموالاة ، لأنهم قد قالوهما جميعا له ، وأنشد في ذلك بيت
جرير الخطفي :
أثعلبة الفوارس أو رياحا عدلت بهم طهية والخشابا