[ ص: 480 ] القول في تأويل قوله تعالى : (
أم تأمرهم أحلامهم بهذا أم هم قوم طاغون ( 32 )
أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون ( 33 )
فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين ( 34 ) )
يقول - تعالى ذكره - : أتأمر هؤلاء المشركين أحلامهم بأن يقولوا
لمحمد - صلى الله عليه وسلم - : هو شاعر ، وأن ما جاء به شعر (
أم هم قوم طاغون ) يقول جل ثناؤه : ما تأمرهم بذلك أحلامهم وعقولهم (
بل هم قوم طاغون ) قد طغوا على ربهم ، فتجاوزوا ما أذن لهم ، وأمرهم به من الإيمان إلى الكفر به .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : (
أم تأمرهم أحلامهم بهذا ) قال : كانوا يدعون في الجاهلية أهل الأحلام ، فقال الله : أم تأمرهم أحلامهم بهذا أن يعبدوا أصناما بكما صما ، ويتركوا عبادة الله ، فلم تنفعهم أحلامهم حين كانت لدنياهم ، ولم تكن عقولهم في دينهم ، لم تنفعهم أحلامهم ، وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل
البصرة ، يتأول قوله (
أم تأمرهم أحلامهم ) : بل تأمرهم .
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله (
أم هم قوم طاغون ) أيضا قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
عبد الرحمن قال : ثنا
سفيان ، عن
عثمان بن الأسود ، عن
مجاهد في قوله (
أم هم قوم طاغون ) قال : بل هم قوم طاغون .
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
يحيى ، عن
عثمان بن الأسود ، عن
مجاهد (
أم هم قوم طاغون ) قال : بل هم قوم طاغون .
[ ص: 481 ]
وقوله (
أم يقولون تقوله ) يقول - تعالى ذكره - : أم يقول هؤلاء المشركون : تقول
محمد هذا القرآن وتخلقه .
وقوله ( بل لا يؤمنون ) يقول جل ثناؤه : كذبوا فيما قالوا من ذلك ، بل لا يؤمنون فيصدقوا بالحق الذي جاءهم من عند ربهم .
وقوله (
فليأتوا بحديث مثله ) يقول : جل ثناؤه : فليأت قائلو ذلك له من المشركين بقرآن مثله ، فإنهم من أهل لسان
محمد - صلى الله عليه وسلم - ، ولن يتعذر عليهم أن يأتوا من ذلك بمثل الذي أتى به
محمد - صلى الله عليه وسلم - إن كانوا صادقين في أن
محمدا - صلى الله عليه وسلم - تقوله وتخلقه .