[ ص: 493 ] [ ص: 494 ] [ ص: 495 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى : (
والنجم إذا هوى ( 1 )
ما ضل صاحبكم وما غوى ( 2 ) )
اختلف أهل التأويل في
تأويل قوله ( والنجم إذا هوى ) فقال بعضهم : عنى بالنجم : الثريا ، وعنى بقوله " إذا هوى " : إذا سقط ، قالوا : تأويل الكلام : والثريا إذا سقطت .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ; وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله : (
والنجم إذا هوى ) قال : إذا سقطت الثريا مع الفجر .
حدثنا
ابن حميد . قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان (
والنجم إذا هوى ) قال : الثريا ، وقال
مجاهد : (
والنجم إذا هوى ) قال : سقوط الثريا .
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : (
والنجم إذا هوى ) قال : إذا انصب .
وقال آخرون : معنى ذلك : والقرآن إذا نزل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
زياد بن عبد الله الحساني أبو الخطاب قال : ثنا
مالك بن [ ص: 496 ] سعير قال : ثنا
الأعمش ، عن
مجاهد في قوله (
والنجم إذا هوى ) قال : القرآن إذا نزل .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى ) قال :
قال عتبة بن أبي لهب : كفرت برب النجم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أما تخاف أن يأكلك كلب الله " قال : فخرج في تجارة إلى اليمن ، فبينما هم قد عرسوا ، إذ سمع صوت الأسد ، فقال لأصحابه إني مأكول ، فأحدقوا به ، وضرب على أصمختهم فناموا ، فجاء حتى أخذه ، فما سمعوا إلا صوته .
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
محمد بن ثور قال : ثنا
معمر ، عن
قتادة "
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تلا ( والنجم إذا هوى ) فقال ابن لأبي لهب حسبته قال : اسمه عتبة : كفرت برب النجم ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " احذر لا يأكلك كلب الله " ; قال : فضرب هامته . قال : وقال ابن طاوس عن أبيه ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ألا تخاف أن يسلط الله عليك كلبه؟ " فخرج ابن أبي لهب مع ناس فى سفر حتى إذا كانوا في بعض الطريق سمعوا صوت الأسد . فقال : ما هو إلا يريدني ، فاجتمع أصحابه حوله وجعلوه في وسطهم ، حتى إذا ناموا جاء الأسد فأخذه من بينهم . وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من
أهل البصرة يقول : عنى بقوله : ( والنجم ) والنجوم . وقال : ذهب إلى لفظ الواحد ، وهو في المعنى الجميع ، واستشهد لقوله ذلك بقول راعي الإبل :
فباتت تعد النجم في مستحيرة سريع بأيدي الآكلين جمودها
[ ص: 497 ]
والصواب من القول في ذلك عندي ما قاله
مجاهد من أنه عنى بالنجم في هذا الموضع : الثريا ، وذلك أن العرب تدعوها النجم ، والقول الذي قاله من حكينا عنه من
أهل البصرة قول لا نعلم أحدا من أهل التأويل قاله ، وإن كان له وجه ، فلذلك تركنا القول به .
وقوله : (
ما ضل صاحبكم وما غوى ) يقول - تعالى ذكره - : ما حاد صاحبكم أيها الناس عن الحق ولا زال عنه ، ولكنه على استقامة وسداد .
ويعني بقوله (
وما غوى ) : وما صار غويا ، ولكنه رشيد سديد ; يقال : غوى يغوي من الغي ، وهو غاو ، وغوي يغوى من اللبن إذا بشم . وقوله : (
ما ضل صاحبكم ) جواب قسم " والنجم " .