القول في تأويل قوله تعالى : (
إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى ( 27 )
وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ( 28 )
فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ( 29 ) )
[ ص: 530 ]
يقول - تعالى ذكره - : إن الذين لا يصدقون بالبعث في الدار الآخرة ، وذلك يوم القيامة ليسمون ملائكة الله تسمية الإناث ، وذلك أنهم كانوا يقولون : هم بنات الله .
وبنحو الذي قلنا في قوله (
تسمية الأنثى ) قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ; وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قوله (
تسمية الأنثى ) قال : الإناث .
وقوله (
وما لهم به من علم ) يقول تعالى : وما لهم بما يقولون من تسميتهم الملائكة تسمية الأنثى من حقيقة علم (
إن يتبعون إلا الظن ) يقول : ما يتبعون في ذلك إلا الظن ، يعني أنهم إنما يقولون ذلك ظنا بغير علم .
وقوله (
وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ) يقول : وإن الظن لا ينفع من الحق شيئا فيقوم مقامه وقوله (
فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ) يقول جل ثناؤه لنبيه
محمد - صلى الله عليه وسلم - : فدع من أدبر يا
محمد عن ذكر الله ولم يؤمن به فيوحده .
وقوله (
ولم يرد إلا الحياة الدنيا ) يقول : ولم يطلب ما عند الله في الدار الآخرة ، ولكنه طلب زينة الحياة الدنيا ، والتمس البقاء فيها .