القول في تأويل قوله تعالى : (
يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران ( 35 )
فبأي آلاء ربكما تكذبان ( 36 )
فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان ( 37 )
فبأي آلاء ربكما تكذبان ( 38 ) )
يقول - تعالى ذكره - (
يرسل عليكما ) أيها الثقلان يوم القيامة (
شواظ من نار ) وهو لهبها من حيث تشتعل وتؤجج بغير دخان كان فيه ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=15876رؤبة بن العجاج :
إن لهم من وقعنا أقياظا ونار حرب تسعر الشواظا
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي قال : ثنا
أبو صالح قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله : (
شواظ من نار ) يقول : لهب النار .
[ ص: 46 ]
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : (
يرسل عليكما شواظ من نار ) يقول : لهب النار .
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله : (
شواظ من نار ) قال : لهب النار .
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
أبو أحمد الزبيري قال : ثنا
سفيان ، عن
منصور ، عن
مجاهد (
يرسل عليكما شواظ من نار ) قال : اللهب المتقطع .
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
حكام قال : ثنا
عمرو ، عن
منصور ، عن
مجاهد (
يرسل عليكما شواظ من نار ) قال : الشواظ : الأخضر المتقطع من النار .
قال : ثنا
جرير ، عن
منصور ، عن
مجاهد في قوله : (
يرسل عليكما شواظ من نار ) قال : الشواظ : هذا اللهب الأخضر المتقطع من النار .
قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان في قوله : (
يرسل عليكما شواظ من نار ) قال : الشواظ : اللهب الأخضر المتقطع من النار .
قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
الضحاك : ( الشواظ ) : اللهب .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
يرسل عليكما شواظ من نار ) : أي لهب من نار .
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
شواظ من نار ) قال : لهب من نار .
[ ص: 47 ]
وحدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : (
يرسل عليكما شواظ من نار ) قال : الشواظ : اللهب ، وأما النحاس فالله أعلم بما أراد به .
وقال آخرون : الشواظ : هو الدخان الذي يخرج من اللهب .
ذكر من قال ذلك :
حدثت عن
الحسين قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
شواظ من نار ) : الدخان الذي يخرج من اللهب ليس بدخان الحطب .
واختلفت القراء في قراءة قوله : ( شواظ ) ، فقرأ ذلك عامة
قراء المدينة والكوفة
والبصرة ، غير
ابن أبي إسحاق ( شواظ ) بضم الشين ، وقرأ ذلك
ابن أبي إسحاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=16456وعبد الله بن كثير " شواظ من نار " بكسر الشين ، وهما لغتان ، مثل الصوار من البقر ، والصوار بكسر الصاد وضمها . وأعجب القراءتين إلي ضم الشين ؛ لأنها اللغة المعروفة ، وهي مع ذلك قراءة القراء من أهل الأمصار .
وأما قوله : ( ونحاس ) فإن أهل التأويل اختلفوا في المعني به ، فقال بعضهم : عني به الدخان .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عبيد المحاربي قال : ثنا
موسى بن عمير ، عن
أبي صالح ، عن
ابن عباس في قوله : (
ونحاس فلا تنتصران ) قال : النحاس : الدخان .
حدثني
علي قال : ثنا
أبو صالح قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله : ( ونحاس ) : دخان النار .
حدثنا
أبو كريب قال : ثنا
ابن يمان ، عن
أشعث ، عن
جعفر ، عن
سعيد في قوله : ( ونحاس ) : قال : دخان .
[ ص: 48 ]
وقال آخرون : عني بالنحاس في هذا الموضع : الصفر .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ( ونحاس ) قال : النحاس : الصفر يعذبون به .
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
منصور ، عن
مجاهد ( ونحاس ) قال : يذاب الصفر من فوق رءوسهم .
قال : ثنا
حكام ، عن
عمرو ، عن
منصور ، عن
مجاهد ( ونحاس ) قال : يذاب الصفر فيصب على رأسه .
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، ( ونحاس ) : يذاب الصفر فيصب على رءوسهم .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، ( ونحاس ) قال : توعدهما بالصفر كما تسمعون أن يعذبهما به .
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
محمد بن مروان قال : ثنا
أبو العوام ، عن
قتادة (
يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس ) قال : يخوفهم بالنار وبالنحاس .
وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال : عني بالنحاس : الدخان ، وذلك أنه - جل ثناؤه - ذكر أنه يرسل على هذين الحيين شواظ من نار ، وهو النار المحضة التي لا يخلطها دخان . والذي هو أولى بالكلام أنه توعدهم بنار هذه صفتها أن يتبع ذلك الوعد بما هو خلافها من نوعها من العذاب ، دون ما هو من غير جنسها ، وذلك هو الدخان ، والعرب تسمي الدخان نحاسا بضم النون ، ونحاسا بكسرها ، والقراء مجمعة على ضمها ، ومن النحاس بمعنى الدخان ، قول
نابغة بني ذبيان :
[ ص: 49 ] يضوء كضوء سراج السلي ط لم يجعل الله فيه نحاسا
يعني : دخانا .
وقوله : (
فلا تنتصران ) يقول - تعالى ذكره - : فلا تنتصران - أيها الجن والإنس - منه ، إذا هو عاقبكما هذه العقوبة ، ولا تستنقذان منه .
كما حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
فلا تنتصران ) قال : يعني الجن والإنس .
قال : وقوله : (
فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان ) يقول - تعالى ذكره - : فإذا انشقت السماء وتفطرت - وذلك يوم القيامة - فكان لونها لون البرذون الورد الأحمر .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
سليمان بن عبد الجبار قال : ثنا
محمد بن الصلت قال : ثنا
أبو كدينة ، عن
قابوس ، عن أبيه ، عن
ابن عباس (
فكانت وردة كالدهان ) قال : كالفرس الورد .
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : (
فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان ) يقول : تغير لونها .
حدثنا
عبد الله بن أحمد بن حيويه قال : ثنا
شهاب بن عباد قال :
[ ص: 50 ] ثنا
إبراهيم بن حميد ، عن
إسماعيل بن أبي خالد عن
أبي صالح في قوله : (
وردة كالدهان ) قال : كلون البرذون الورد ، ثم كانت بعد كالدهان .
حدثت عن
الحسين قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
فكانت وردة كالدهان ) يقول : تتغير السماء فيصير لونها كلون الدابة الوردة .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
وردة كالدهان ) : هي اليوم خضراء كما ترون ، ولونها يوم القيامة لون آخر .
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
محمد بن مروان قال : ثنا
أبو العوام ، عن
قتادة في قوله : (
فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان ) قال : هي اليوم خضراء ، ولونها يومئذ الحمرة .
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
وردة كالدهان ) قال : إنها اليوم خضراء ، وسيكون لها يومئذ لون آخر .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد فى قوله : (
فكانت وردة كالدهان ) قال : مشرقة كالدهان .
واختلف أهل التأويل في معنى قوله : ( كالدهان ) ، فقال بعضهم : معناه : كالدهن صافية الحمرة مشرقة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله : (
وردة كالدهان ) قال : كالدهن .
حدثت عن
الحسين قال : سمعت
أبا معاذ يقول : أخبرنا
عبيد قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : ( كالدهان ) يعني : خالصة .
وقال آخرون : عني بذلك : فكانت وردة كالأديم ، وقالوا : الدهان
[ ص: 51 ] جماع ، واحدها دهن .
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : عني به الدهن في إشراق لونه ؛ لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب .
وقوله : (
فبأي آلاء ربكما تكذبان ) يقول - تعالى ذكره - : فبأي قدرة ربكما معشر الجن والإنس - على ما أخبركم بأنه فاعل بكم - تكذبان .