القول في
تأويل قوله تعالى : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ( 46 )
فبأي آلاء ربكما تكذبان ( 47 )
ذواتا أفنان ( 48 )
فبأي آلاء ربكما تكذبان ( 49 ) )
يقول - تعالى ذكره - : ولمن اتقى الله من عباده - فخاف مقامه بين يديه ، فأطاعه بأداء فرائضه ، واجتناب معاصيه - جنتان . يعني بستانين .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ، وإن اختلفت ألفاظهم في البيان عن تأويله ، غير أن معنى جميعهم يئول إلى هذا .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي قال : ثنا
أبو صالح قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله : (
ولمن خاف مقام ربه جنتان ) قال : وعد الله - جل ثناؤه -
[ ص: 56 ] المؤمنين الذين خافوا مقامه ، فأدوا فرائضه الجنة .
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : (
ولمن خاف مقام ربه جنتان ) يقول : خاف ثم اتقى ، والخائف : من ركب طاعة الله ، وترك معصيته .
حدثني
أبو السائب قال : ثنا
ابن إدريس ، عن
الأعمش ، عن
مجاهد في قوله : (
ولمن خاف مقام ربه جنتان ) ، هو الرجل يهم بالذنب ، فيذكر مقام ربه فينزع .
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح قال : ثنا
الحسين ، عن
منصور ، عن
مجاهد قوله : (
ولمن خاف مقام ربه جنتان ) قال : الرجل يهم بالذنب فيذكر مقامه بين يدي الله فيتركه ، فله جنتان .
قال : ثنا
جرير ، عن
منصور ، عن
مجاهد قوله : (
ولمن خاف مقام ربه جنتان ) قال : الرجل يهم بالمعصية فيذكر الله - عز وجل - فيدعها .
قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
منصور ، عن
مجاهد (
ولمن خاف مقام ربه جنتان ) قال : في الذي إذا هم بمعصية تركها .
حدثنا
نصر بن علي قال : ثنا
إسحاق بن منصور ، عن
مجاهد قوله : (
ولمن خاف مقام ربه جنتان ) قال : هو الرجل يهم بمعصية الله تعالى ، ثم يتركها مخافة الله .
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
عبد الرحمن قال : ثنا
سفيان ، عن
منصور ، عن
مجاهد (
ولمن خاف مقام ربه جنتان ) قال : يذنب الذنب فيذكر مقام ربه فيدعه .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى قال : ثنا
محمد بن جعفر قال : ثنا
شعبة ، عن
منصور ، عن
إبراهيم في هذه الآية (
ولمن خاف مقام ربه جنتان ) قال : إذا أراد أن يذنب أمسك مخافة الله .
[ ص: 57 ]
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
ولمن خاف مقام ربه جنتان ) قال : إن المؤمنين خافوا ذاكم المقام فعملوا له ، ودانوا له ، وتعبدوا بالليل والنهار .
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
محمد بن مروان قال : ثنا
أبو العوام قال : ثنا
قتادة في قوله : (
ولمن خاف مقام ربه جنتان ) قال : إن لله مقاما قد خافه المؤمنون .
حدثني
محمد بن موسى قال : ثنا
عبد الله بن الحارث القرشي قال : ثنا
شعبة بن الحجاج قال : ثنا
سعيد الجريري ، عن
محمد بن سعد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811052قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : وإن زنى وسرق وإن رغم أنف nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء " .
وحدثني
زكريا بن يحيى بن أبان المصري قال : ثنا
ابن أبي مريم قال : أخبرنا
محمد بن جعفر ، عن
محمد بن أبي حرملة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811800أخبرني أبو الدرداء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ يوما هذه الآية ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) فقلت : وإن زنى وإن سرق يا رسول الله ؟ قال : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) قال فقلت : يا رسول الله وإن زنى وإن سرق ؟ قال : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) فقلت : وإن زنى وإن سرق يا رسول الله ؟ فقال : " وإن زنى وإن سرق رغم أنف nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء " .
حدثنا
علي بن سهل قال : ثنا
مؤمل قال : ثنا
حماد بن سلمة ، عن
ثابت ، عن
أبي بكر ، عن
أبي موسى ، عن أبيه قال :
حماد لا أعلمه إلا رفعه في قوله : (
ولمن خاف مقام ربه جنتان ) قال : جنتان من ذهب للمقربين أو قال : للسابقين ، وجنتان من ورق لأصحاب اليمين .
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
المعتمر ، عن أبيه قال : ثنا
سيار قال : قيل
nindex.php?page=showalam&ids=4لأبي الدرداء في هذه الآية (
ولمن خاف مقام ربه جنتان ) فقيل :
[ ص: 58 ] وإن زنى وإن سرق ، فقال : وإن زنى وإن سرق .
وقال : إنه إن خاف مقام ربه لم يزن ولم يسرق .
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
مهران ، عن
ابن المبارك ، عن
سعيد الجريري ، عن رجل ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=811053عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) فقال : أبو الدرداء : وإن زنى وإن سرق قال : " نعم ، وإن رغم أنف nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء " .
حدثنا
أبو كريب قال : ثنا
ابن الصلت ، عن
عمرو بن ثابت ، عمن ذكره ، عن
أبي وائل ، عن
ابن مسعود في قوله : (
ولمن خاف مقام ربه جنتان ) قال : وإن زنى وإن سرق .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : (
ولمن خاف مقام ربه جنتان ) قال : جنتا السابقين ، فقرأ ( ذواتا أفنان ) ، فقرأ حتى بلغ (
كأنهن الياقوت والمرجان ) ، ثم رجع إلى أصحاب اليمين ، فقال : (
ومن دونهما جنتان ) ، فذكر فضلهما وما فيهما .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : (
ولمن خاف مقام ربه جنتان ) قال : مقامه حين يقوم العباد يوم القيامة ، وقرأ (
يوم يقوم الناس لرب العالمين ) وقال : ذاك مقام ربك .
وقوله : (
فبأي آلاء ربكما تكذبان ) يقول - تعالى ذكره - : فبأي نعم ربكما أيها الثقلان - التي أنعم عليكم بإثابته المحسن منكم ما وصف - جل ثناؤه - في هذه الآيات - تكذبان .
وقوله : ( ذواتا أفنان ) يقول : ذواتا ألوان ، واحدها فن ، وهو من قولهم : افتن فلان في حديثه : إذا أخذ فى فنون منه وضروب .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
الحسين بن يزيد الطحان قال : ثنا
عبد السلام بن حرب ، عن
[ ص: 59 ] عطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس في قوله : ( ذواتا أفنان ) قال : ذواتا ألوان .
حدثنا
الفضل بن إسحاق قال : ثنا
أبو قتيبة قال : ثنا
عبد الله بن النعمان ، عن
عكرمة (
ذواتا أفنان ) قال : ظل الأغصان على الحيطان . قال : وقال الشاعر :
ما هاج شوقك من هديل حمامة تدعو على فنن الغصون حماما تدعو أبا فرخين صادف ضاريا
ذا مخلبين من الصقور قطاما .
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
مجاهد (
ذواتا أفنان ) قال : ذواتا ألوان .
قال : ثنا
مهران ، عن
أبي سنان ( ذواتا أفنان ) قال : ذواتا ألوان .
حدثت عن
الحسين قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : ( ذواتا أفنان ) يقول : ألوان من الفاكهة .
وقال آخرون : ذواتا أغصان .
ذكر من قال ذلك :
[ ص: 60 ]
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن رجل من
أهل البصرة ، عن
مجاهد (
ذواتا أفنان ) قال : ذواتا أغصان .
وقال آخرون : معنى ذلك : ذواتا أطراف أغصان الشجر .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : (
ذواتا أفنان ) يقول : فيما بين أطراف شجرها ، يعني : يمس بعضها بعضا كالمعروشات . ويقال : ذواتا فضول عن كل شيء .
وقال آخرون : بل عنى بذلك فضلهما وسعتهما على ما سواهما .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : ( ذواتا أفنان ) يعني فضلهما وسعتهما على ما سواهما .
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة في قوله : (
ذواتا أفنان ) قال : ذواتا فضل على ما سواهما .
وقوله : (
فبأي آلاء ربكما تكذبان ) يقول - تعالى ذكره - : فبأي نعم ربكما معشر الثقلين التي أنعم عليكما - بإثابته هذا الثواب أهل طاعته - تكذبان .