[ ص: 87 ] [ ص: 88 ] [ ص: 89 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل
قوله تعالى : ( إذا وقعت الواقعة ( 1 )
ليس لوقعتها كاذبة ( 2 )
خافضة رافعة ( 3 )
إذا رجت الأرض رجا ( 4 )
وبست الجبال بسا ( 5 )
فكانت هباء منبثا ( 6 ) )
يعني - تعالى ذكره - بقوله : (
إذا وقعت الواقعة ) : إذا نزلت صيحة القيامة ، وذلك حين ينفخ في الصور لقيام الساعة .
كما حدثت عن
الحسين قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
إذا وقعت الواقعة ) يعني الصيحة .
حدثنا
علي قال : ثنا
أبو صالح قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس في قوله : (
إذا وقعت الواقعة ) الواقعة والطامة والصاخة ، ونحو هذا من أسماء القيامة ، عظمه الله ، وحذره عباده .
وقوله : (
ليس لوقعتها كاذبة ) يقول تعالى : ليس لوقعة الواقعة تكذيب ولا مردودية ولا مثنوية ، والكاذبة في هذا الموضع مصدر ، مثل العاقبة والعافية .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
ليس لوقعتها كاذبة ) : أي ليس لها مثنوية ، ولا رجعة ، ولا ارتداد .
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر عن
قتادة في
[ ص: 90 ] قوله : (
ليس لوقعتها كاذبة ) قال : مثنوية .
وقوله : (
خافضة رافعة ) يقول - تعالى ذكره - : الواقعة حينئذ خافضة أقواما - كانوا في الدنيا أعزاء - إلى نار الله .
وقوله : ( رافعة ) يقول : رفعت أقواما - كانوا في الدنيا وضعاء - إلى رحمة الله وجنته . وقيل : خفضت فأسمعت الأدنى ،
[ ص: 91 ] ورفعت فأسمعت الأقصى .
ذكر من قال في ذلك ما قلنا :
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح قال : ثنا
عبيد الله - يعني - العتكي ، عن
عثمان بن عبد الله بن سراقة (
خافضة رافعة ) قال : الساعة خفضت أعداء الله إلى النار ، ورفعت أولياء الله إلى الجنة .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
خافضة رافعة ) يقول : تخللت كل سهل وجبل ، حتى أسمعت القريب والبعيد ، ثم رفعت أقواما في كرامة الله ، وخفضت أقواما في عذاب الله .
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
خافضة رافعة ) وقال : أسمعت القريب والبعيد ، خافضة أقواما إلى عذاب الله ، ورافعة أقواما إلى كرامة الله .
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح قال : ثنا
الحسين ، عن
يزيد ، عن
عكرمة قوله : (
خافضة رافعة ) قال : خفضت وأسمعت الأدنى ، ورفعت فأسمعت الأقصى . قال : فكان القريب والبعيد من الله سواء .
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس : (
خافضة رافعة ) قال : سمعت القريب والبعيد .
حدثت عن
الحسين قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
خافضة رافعة ) خفضت فأسمعت الأدنى ورفعت فأسمعت الأقصى ، فكان فيها القريب والبعيد سواء .
وقوله : (
إذا رجت الأرض رجا ) يقول - تعالى ذكره - : إذا زلزلت الأرض فحركت تحريكا من قولهم : السهم يرتج في الغرض بمعنى : يهتز ويضطرب .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي قال : ثنا
أبو صالح قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله : (
إذا رجت الأرض رجا ) يقول : زلزلها .
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قول الله (
إذا رجت الأرض رجا ) قال : زلزلت .
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
إذا رجت الأرض رجا ) يقول : زلزلت زلزلة .
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
إذا رجت الأرض رجا ) قال : زلزلت زلزالا .
وقوله : (
وبست الجبال بسا ) يقول - تعالى ذكره - : فتتت الجبال فتا ، فصارت كالدقيق المبسوس ، وهو المبلول كما قال - جل ثناؤه - : (
وكانت الجبال كثيبا مهيلا ) والبسيسة عند العرب : الدقيق والسويق تلت وتتخذ زادا .
وذكر عن لص من
غطفان أنه أراد أن يخبز ، فخاف أن يعجل عن الخبز ، قبل الدقيق وأكله عجينا وقال :
لا تخبزا خبزا وبسا بسا ملسا بذود الحلسي ملسا
[ ص: 92 ]
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي قال : ثنا
أبو صالح قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس قوله : (
وبست الجبال بسا ) يقول : فتتت فتا .
حدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله : (
وبست الجبال بسا ) قال : فتتت .
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
عبد الرحمن قال : ثنا
سفيان ، عن
منصور ، عن
مجاهد في قوله : (
وبست الجبال بسا ) قال : كما يبس السويق .
حدثني
أحمد بن عمرو البصري قال : ثنا
حفص بن عمر العدني ، عن
الحكم بن أبان ، عن
عكرمة (
وبست الجبال بسا ) قال : فتت فتا .
[ ص: 93 ]
حدثني
إسماعيل بن موسى ابن بنت السدي قال : أخبرنا
بشر بن الحكم الأحمسي ، عن
سعيد بن الصلت ، عن
إسماعيل السدي وأبي صالح (
وبست الجبال بسا ) قال : فتتت فتا .
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
منصور ، عن
مجاهد (
وبست الجبال بسا ) قال : كما يبس السويق .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قول الله : (
وبست الجبال بسا ) قال : صارت كثيبا مهيلا كما قال الله .
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
جرير ، عن
منصور ، عن
مجاهد في قوله : (
وبست الجبال بسا ) قال : فتتت فتا .
وقوله : (
فكانت هباء منبثا ) اختلف أهل التأويل في معنى الهباء ، فقال بعضهم : هو شعاع الشمس ، الذي يدخل من الكوة كهيئة الغبار .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي قال : ثنا
أبو صالح قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس في قوله : (
فكانت هباء منبثا ) يقول : شعاع الشمس .
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
حكام ، عن عمرو ، عن
عطاء ، عن
سعيد (
هباء منبثا ) قال : شعاع الشمس حين يدخل من الكوة .
قال : ثنا
جرير ، عن
منصور ، عن
مجاهد في قوله : (
فكانت هباء منبثا ) قال : شعاع الشمس يدخل من الكوة ، وليس بشيء .
وقال آخرون : هو رهج الدواب .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
أبي إسحاق ، عن
الحارث ، عن
علي - رضي الله عنه - قال : رهج الدواب .
[ ص: 94 ]
وقال آخرون : هو ما تطاير من شرر النار الذي لا عين له .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : (
فكانت هباء منبثا ) قال : الهباء : الذي يطير من النار إذا اضطرمت ، يطير منه الشرر ، فإذا وقع لم يكن شيئا .
وقال آخرون : هو يبيس الشجر الذي تذروه الرياح .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة في قوله : (
فكانت هباء منبثا ) كيبيس الشجر تذروه الرياح يمينا وشمالا .
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة في قوله : (
هباء منبثا ) يقول : الهباء : ما تذروه الريح من حطام الشجر .
وقد بينا معنى الهباء في غير هذا الموضع بشواهده ، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع .
وأما قوله : ( منبثا ) فإنه يعني متفرقا .