القول في تأويل
قوله تعالى : ( ثم إنكم أيها الضالون المكذبون ( 51 )
لآكلون من شجر من زقوم ( 52 )
فمالئون منها البطون ( 53 ) )
يقول - تعالى ذكره - لأصحاب الشمال : ثم إنكم أيها الضالون عن طريق الهدى ، المكذبون بوعيد الله ووعده ، لآكلون من شجر من زقوم .
وقوله : (
فمالئون منها البطون ) يقول : فمالئون من الشجر الزقوم بطونهم .
واختلف أهل العربية في وجه تأنيث الشجر في قوله : (
فمالئون منها البطون ) : أي من الشجر ، (
فشاربون عليه ) لأن الشجر تؤنث وتذكر ، وأنث ؛ لأنه حمله على الشجرة لأن الشجرة قد تدل على الجميع ، فتقول العرب : نبتت قبلنا شجرة مرة وبقلة رديئة ، وهم يعنون الجميع ، وقال بعض نحويي
الكوفة (
لآكلون من شجر من زقوم ) ، وفي قراءة
عبد الله " لآكلون من شجرة من زقوم " على واحدة ، فمعنى شجر وشجرة واحد ؛ لأنك إذا قلت أخذت من الشاء ، فإن نونت واحدة أو أكثر من ذلك ، فهو جائز . ثم قال (
فمالئون منها البطون ) يريد من الشجرة ولو قال : فمالئون منه إذا لم
[ ص: 134 ] يذكر الشجر كان صوابا يذهب إلى الشجر في : منه ، ويؤنث الشجر ، فيكون منها كناية عن الشجر ، والشجر يؤنث ويذكر ، مثل التمر يؤنث ويذكر .
والصواب من القول في ذلك عندنا القول الثاني ، وهو أن قوله : (
فمالئون منها ) مراد به من الشجر أنث للمعنى ، وقال (
فشاربون عليه ) مذكرا للفظ الشجر .