[ ص: 172 ] القول في
تأويل قوله تعالى : ( وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين ( 8 ) )
يقول - تعالى ذكره - : (
وما لكم لا تؤمنون بالله ) ، وما شأنكم - أيها الناس - لا تقرون بوحدانية الله ، ورسوله
محمد - صلى الله عليه وسلم - يدعوكم إلى الإقرار بوحدانيته ، وقد أتاكم من الحجج على حقيقة ذلك ، ما قطع عذركم ، وأزال الشك من قلوبكم ، (
وقد أخذ ميثاقكم ) قيل : عني بذلك وقد أخذ منكم ربكم ميثاقكم في صلب آدم ، بأن الله ربكم لا إله لكم سواه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله : (
وقد أخذ ميثاقكم ) قال : في ظهر
آدم .
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء
الحجاز والعراق غير
أبي عمرو (
وقد أخذ ميثاقكم ) بفتح الألف من أخذ ونصب الميثاق بمعنى : وقد أخذ ربكم ميثاقكم . وقرأ ذلك أبو عمرو : " وقد أخذ ميثاقكم " بضم الألف ورفع الميثاق ، على وجه ما لم يسم فاعله .
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان متقاربتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب ، وإن كان فتح الألف من أخذ ونصب الميثاق أعجب القراءتين إلي في ذلك ؛ لكثرة القراءة بذلك ، وقلة القراءة بالقراءة الأخرى .
وقوله : (
إن كنتم مؤمنين ) يقول : إن كنتم تريدون أن تؤمنوا بالله يوما من الأيام ، فالآن أحرى الأوقات أن تؤمنوا لتتابع الحجج عليكم بالرسول ، وإعلامه ودعائه إياكم إلى ما قد تقررت صحته عندكم بالإعلام والأدلة والميثاق المأخوذ عليكم .