القول في تأويل قوله تعالى : (
فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم ( 4 ) )
[ ص: 232 ]
يقول - تعالى ذكره - : فمن لم يجد منكم ممن ظاهر من امرأته رقبة يحررها فعليه صيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا ، والشهران المتتابعان هما اللذان لا فصل بينهما بإفطار في نهار شيء منهما إلا من عذر ، فإنه إذا كان الإفطار بالعذر ففيه اختلاف بين أهل العلم ، فقال بعضهم : إذا كان إفطاره لعذر فزال العذر ، بنى على ما مضى من الصوم .
وقال آخرون : بل يستأنف ؛ لأن من أفطر بعذر أو غير عذر لم يتابع صوم شهرين .
ذكر من قال : إذا أفطر بعذر وزال العذر بنى وكان متابعا .
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
ابن أبي عدي وعبد الأعلى ، عن
سعيد ، عن
قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أنه قال في
رجل صام من كفارة الظهار ، أو كفارة القتل ، ومرض فأفطر ، أو أفطر من عذر قال : عليه أن يقضي يوما مكان يوم ، ولا يستقبل صومه .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي ، عن
سعيد ، عن
قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب بمثله .
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
يحيى ، عن
ابن أبي عروبة ، عن
قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب في المظاهر الذي عليه صوم شهرين متتابعين ، فصام شهرا ، ثم أفطر قال : يتم ما بقي .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى قال : ثنا
ابن عبد الأعلى ، عن
سعيد ، عن
قتادة ، عن
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب في
رجل صام من كفارة الظهار شهرا أو أكثر ثم مرض قال : يعتد بما مضى إذا كان له عذر .
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
سالم بن نوح قال : ثنا
عمر بن عامر ، عن
[ ص: 233 ] قتادة ، عن
الحسن في الرجل يكون عليه الصوم في قتل أو نذر أو ظهار ، فصام بعضه ثم أفطر قال : إن كان معذورا فإنه يقضي .
حدثنا
أبو كريب قال : ثنا
ابن إدريس ، عن
هشام ، عن
الحسن قال : إن أفطر من عذر أتم ، وإن كان من غير عذر استأنف .
حدثني
يعقوب قال : ثنا
هشيم ، عن
حجاج ، عن
عطاء قال : من كان عليه صوم شهرين متتابعين فمرض فأفطر قال : يقضي ما بقي عليه .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء بن أبي رباح nindex.php?page=showalam&ids=16705وعمرو بن دينار في الرجل يفطر في اليوم الغيم ، يظن أن الليل قد دخل عليه في الشهرين المتتابعين ، أنه لا يزيد على أن يبدله ، ولا يستأنف شهرين آخرين .
حدثنا
أبو كريب قال : ثنا
ابن أبي زائدة ، عن
عبد الملك ، عن
عطاء قال : إن جامع المعتكف ، وقد بقي عليه أيام من اعتكافه قال : يتم ما بقي ، والمظاهر كذلك .
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
عبد الرحمن قال : ثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريح ، عن
عطاء قال : إذا كان شيئا ابتلي به بنى على صومه ، وإذا كان شيئا هو فعله استأنف . قال :
سفيان : هذا معناه .
حدثنا
عبد الحميد بن بيان قال : أخبرنا
محمد بن يزيد ، عن
إسماعيل ، عن
عامر في رجل ظاهر ، فصام شهرين متتابعين إلا يومين ثم مرض قال : يتم ما بقي .
حدثنا
أبو كريب قال : ثنا
ابن إدريس قال : سمعت
إسماعيل عن
الشعبي بنحوه .
حدثنا
أبو كريب ويعقوب قالا : ثنا
هشيم ، عن
إسماعيل ، عن
الشعبي في رجل عليه صيام شهرين متتابعين ، فصام فمرض فأفطر قال : يقضي ولا
[ ص: 234 ] يستأنف .
ذكر من قال : يستقبل من أفطر بعذر أو غير عذر :
حدثنا
ابن بشار قال : ثنا
عبد الرحمن قال : ثنا
سفيان ، عن
مغيرة ، عن
إبراهيم في رجل عليه صيام شهرين متتابعين فأفطر قال : يستأنف ، والمرأة إذا حاضت فأفطرت تقضي .
حدثني
يعقوب قال : ثنا
هشيم ، عن
مغيرة ، عن
إبراهيم قال : إذا مرض فأفطر استأنف ، يعني من كان عليه صوم شهرين متتابعين فمرض فأفطر .
حدثنا
أبو كريب قال : ثنا
هشيم ، عن
جابر ، عن
أبي جعفر قال : يستأنف .
وأولى القولين عندنا بالصواب قول من قال : يبني المفطر بعذر ، ويستقبل المفطر بغير عذر ؛ لإجماع الجميع على أن المرأة إذا حاضت في صومها الشهرين المتتابعين بعذر فمثله ؛ لأن إفطار الحائض بسبب حيضها بعذر كان من قبل الله ، فكل عذر كان من قبل الله فمثله .
وقوله : (
فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ) يقول - تعالى ذكره - : فمن
لم يستطع منهم الصيام فعليه إطعام ستين مسكينا ، وقد بينا وجه الإطعام في الكفارات فيما مضى قبل ، فأغنى ذلك عن إعادته .
وقوله : (
ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله ) يقول - جل ثناؤه - : هذا الذي فرضت على من ظاهر منكم ، ما فرضت في حال القدرة على الرقبة ، ثم خففت عنه مع العجز بالصوم ، ومع فقد الاستطاعة على الصوم بالإطعام ، وإنما فعلته كي تقر الناس بتوحيد الله ورسالة الرسول
محمد - صلى الله عليه وسلم - ويصدقوا بذلك ، ويعملوا به ، وينتهوا عن قول الزور والكذب ، ( وتلك حدود الله ) يقول - تعالى ذكره - : وهذه الحدود - التي حدها الله لكم ، والفروض التي بينها لكم - حدود الله فلا تتعدوها أيها الناس ( وللكافرين ) بها ، وهم جاحدو هذه الحدود وغيرها - من فرائض الله أن تكون من عند الله - ( عذاب أليم ) يقول : عذاب مؤلم .