[ ص: 252 ] القول في تأويل
قوله تعالى : ( ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون ( 14 ) )
يقول - تعالى ذكره - لنبيه
محمد - صلى الله عليه وسلم - : ألم تنظر بعين قلبك يا
محمد ، فترى إلى القوم الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ، وهم المنافقون تولوا اليهود وناصحوهم .
كما حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ) إلى آخر الآية قال : هم المنافقون تولوا
اليهود وناصحوهم .
حدثنا
ابن عبد الأعلى قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
تولوا قوما غضب الله عليهم ) قال : هم
اليهود تولاهم المنافقون .
حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قول الله - عز وجل - (
ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ) قال : هؤلاء كفرة أهل الكتاب
اليهود والذين تولوهم المنافقون تولوا
اليهود . وقرأ قول الله : (
ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب ) حتى بلغ ( والله يشهد إنهم لكاذبون ) لئن كان ذلك لا يفعلون ، وقال : هؤلاء المنافقون قالوا : لا ندع حلفاءنا وموالينا يكونوا معا لنصرتنا وعزنا ، ومن يدفع عنا نخشى أن تصيبنا دائرة . فقال الله - عز وجل - : (
فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده ) حتى بلغ (
في صدورهم من الله ) وقرأ حتى بلغ (
أو من وراء جدر ) قال : لا يبرزون .
وقوله : (
ما هم منكم ) يقول - تعالى ذكره - : ما هؤلاء الذين تولوا هؤلاء القوم - الذين غضب الله عليهم - منكم يعني : من أهل دينكم وملتكم ، ولا منهم ولا
[ ص: 253 ] هم من اليهود الذين غضب الله عليهم ، وإنما وصفهم بذلك منكم - جل ثناؤه - لأنهم منافقون : إذا لقوا
اليهود قالوا : إنا معكم إنما نحن مستهزئون ، وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا : آمنا .
وقوله : (
ويحلفون على الكذب وهم يعلمون ) يقول - تعالى ذكره - : ويحلفون على الكذب ، وذلك قولهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : نشهد إنك لرسول الله ، وهم كاذبون غير مصدقين به ، ولا مؤمنين به . كما قال - جل ثناؤه - (
والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ) وقد ذكر أن هذه الآية نزلت في رجل منهم عاتبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أمر بلغه عنه ، فحلف كذبا .
ذكر الخبر الذي روي بذلك :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى قال : ثنا
محمد بن جعفر قال : ثنا
شعبة ، عن
سماك ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811085 " يدخل عليكم رجل ينظر بعين شيطان ، أو بعيني شيطان " قال : فدخل رجل أزرق فقال له : " علام تسبني أو تشتمني ؟ . قال : فجعل يحلف قال : فنزلت هذه الآية التي في المجادلة : ( ويحلفون على الكذب وهم يعلمون ) والآية الأخرى .