القول في تأويل
قوله تعالى : ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ( 10 ) )
[ ص: 385 ]
يقول تعالى ذكره : فإذا قضيت صلاة الجمعة يوم الجمعة ، فانتشروا في الأرض إن شئتم ، ذلك رخصة من الله لكم في ذلك .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا
هشيم ، قال : أخبرنا
حصين ، عن
مجاهد أنه قال : هي رخصة ، يعني قوله : (
فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض ) .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض ) قال : هذا إذن من الله ، فمن شاء خرج ، ومن شاء جلس .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد : أذن الله لهم إذا فرغوا من الصلاة ، (
فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله ) فقد أحللته لكم .
وقوله : (
وابتغوا من فضل الله ) ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم في تأويل ذلك ما :
حدثني
العباس بن أبي طالب ، قال : ثنا
علي بن المعافى بن يعقوب الموصلي ، قال : ثنا
أبو عامر الصائغ من
الموصل ، عن
أبي خلف ، عن
أنس ، قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله ) قال : " ليس لطلب دنيا ، ولكن عيادة مريض ، وحضور جنازة ، وزيارة أخ في الله " .
وقد يحتمل قوله : (
وابتغوا من فضل الله ) أن يكون معنيا به : والتمسوا من فضل الله الذي بيده مفاتيح خزائنه لدنياكم وآخرتكم .
وقوله : (
واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ) يقول : واذكروا الله بالحمد له ، والشكر على ما أنعم به عليكم من التوفيق لأداء فرائضه ، لتفلحوا ،
[ ص: 386 ] فتدركوا طلباتكم عند ربكم ، وتصلوا إلى الخلد في جنانه .