القول في
تأويل قوله تعالى ( واختلاف الليل والنهار )
قال
أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "واختلاف الليل والنهار " ، وتعاقب الليل والنهار عليكم أيها الناس .
وإنما "الاختلاف " في هذا الموضع "الافتعال " من "خلوف " كل واحد منهما الآخر ، كما قال تعالى ذكره : (
وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا ) [ سورة الفرقان : 62 ] .
بمعنى : أن كل واحد منهما يخلف مكان صاحبه ، إذا ذهب الليل جاء النهار بعده ، وإذا ذهب النهار جاء الليل خلفه . ومن ذلك قيل : "خلف فلان فلانا في أهله بسوء " ، ومنه قول
زهير :
بها العين والآرام يمشين خلفة وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم
[ ص: 273 ]
وأما "الليل " . فإنه جمع "ليلة " ، نظير "التمر " الذي هو جمع "تمرة " . وقد يجمع "ليال " ، فيزيدون في جمعها ما لم يكن في واحدتها . وزيادتهم "الياء " في ذلك نظير زيادتهم إياها في "رباعية وثمانية وكراهية " .
وأما "النهار " ، فإن العرب لا تكاد تجمعه ، لأنه بمنزلة الضوء . وقد سمع في جمعه "النهر " ، قال الشاعر :
لولا الثريدان هلكنا بالضمر ثريد ليل وثريد بالنهر
ولو قيل في جمع قليله "أنهرة " كان قياسا .