القول في تأويل قوله تعالى : (
الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ( 12 ) )
يقول تعالى ذكره : (
الله الذي خلق سبع سماوات ) لا ما يعبده المشركون من الآلهة والأوثان التي لا تقدر على خلق شيء .
وقوله : (
ومن الأرض مثلهن ) يقول : وخلق من الأرض مثلهن لما في كل واحدة منهن مثل ما في السماوات من الخلق .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
عمرو بن علي nindex.php?page=showalam&ids=12166ومحمد بن المثنى ، قالا ثنا
محمد بن جعفر ، قال : ثنا
شعبة ، عن
عمرو بن مرة ، عن
أبي الضحى ، عن
ابن عباس ، قال في هذه الآية : (
الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) قال
عمرو : قال : في كل أرض مثل إبراهيم ، ونحو ما على الأرض من الخلق . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى : في كل سماء إبراهيم .
حدثنا
عمرو بن علي ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، قال : ثنا
الأعمش ، عن
إبراهيم بن مهاجر ، عن
مجاهد ، عن
ابن عباس ، في قوله : (
الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) قال : لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم وكفركم تكذيبكم بها .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
أبو بكر ، عن
عاصم ، عن
زر ، عن
عبد الله ، قال : خلق الله سبع سماوات غلظ كل واحدة مسيرة خمس مائة عام ، وبين كل واحدة منهن خمس مائة عام ، وفوق السبع السماوات الماء ، والله جل
[ ص: 470 ] ثناؤه فوق الماء ، لا يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم . والأرض سبع ، بين كل أرضين خمس مائة عام ، وغلظ كل أرض خمس مائة عام .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
يعقوب بن عبد الله بن سعد القمي الأشعري ، عن
جعفر بن أبي المغيرة الخزاعي ، عن
سعيد بن جبير ، قال : قال رجل
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس (
الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) . . . الآية ، فقال
ابن عباس : ما يؤمنك أن أخبرك بها فتكفر .
قال : ثنا
عباس ، عن
عنبسة ، عن
ليث ، عن
مجاهد ، قال : هذه الأرض إلى تلك مثل الفسطاط ضربته في فلاة ، وهذه السماء إلى تلك السماء ، مثل حلقة رميت بها في أرض فلاة .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
حكام ، عن
أبي جعفر ، عن
الربيع بن أنس ، قال : السماء أولها موج مكفوف ، والثانية صخرة ، والثالثة حديد ، والرابعة نحاس ، والخامسة فضة ، والسادسة ذهب ، والسابعة ياقوتة .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : ثنا
جرير بن حازم ، قال : ثني
حميد بن قيس ، عن
مجاهد ، قال : هذا البيت
الكعبة رابع أربعة عشر بيتا ، في كل سماء بيت ، كل بيت منها حذو صاحبه ، لو وقع وقع عليه ، وإن هذا الحرم حرمي ، بناؤه من السماوات السبع والأرضين السبع .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) خلق سبع سماوات وسبع أرضين ، في كل سماء من سمائه ، وأرض من أرضه ، خلق من خلقه وأمر من أمره ، وقضاء من قضائه .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، nindex.php?page=hadith&LINKID=812640عن قتادة قال : بينا النبي صلى الله عليه وسلم جالس مرة مع أصحابه ، إذ مرت سحابة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "أتدرون ما هذا؟ هذه العنان ، هذه روايا الأرض ، يسوقها الله إلى قوم لا يعبدونه" قال : "أتدرون ما هذه السماء؟ [ ص: 471 ] " قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : "هذه السماء موج مكفوف ، وسقف محفوظ" ثم قال : "أتدرون ما فوق ذلك؟" قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : "فوق ذلك سماء أخرى" حتى عد سبع سماوات وهو يقول : "أتدرون ما بينهما؟ خمس مائة سنة" ثم قال : "أتدرون ما فوق ذلك؟" قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : "فوق ذلك العرش" قال : "أتدرون ما بينهما؟" قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : "بينهما خمس مائة سنة" ثم قال : "أتدرون ما هذه الأرض؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : "تحت ذلك أرض" قال : أتدرون كم بينهما؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : "بينهما مسيرة خمس مائة سنة ، حتى عد سبع أرضين ، ثم قال : "والذي نفسي بيده لو دلي رجل بحبل حتى يبلغ أسفل الأرضين السابعة لهبط على الله" ثم قال : ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم ) .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، قال : "التقى أربعة من الملائكة بين السماء والأرض ، فقال بعضهم لبعض : من أين جئت؟ قال أحدهم : أرسلني ربي من السماء السابعة ، وتركته ثم ، قال الآخر : أرسلني ربي من الأرض السابعة وتركته ثم ، قال الآخر : أرسلني ربي من المشرق وتركته ثم ، قال الآخر : أرسلني ربي من المغرب وتركته ثم" .
وقوله : (
يتنزل الأمر بينهن ) يقول تعالى ذكره : يتنزل أمر الله بين السماء السابعة والأرض السابعة .
كما حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى; وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : (
يتنزل الأمر بينهن ) قال : بين الأرض السابعة إلى السماء السابعة .
وقوله : (
لتعلموا أن الله على كل شيء قدير ) يقول تعالى ذكره : ينزل قضاء الله وأمره بين ذلك كي تعلموا أيها الناس كنه قدرته وسلطانه ، وأنه لا
[ ص: 472 ] يتعذر عليه شيء أراده ، ولا يمتنع عليه أمر شاءه; ولكنه على ما يشاء قدير ، (
وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ) يقول جل ثناؤه : ولتعلموا أيها الناس أن الله بكل شيء من خلقه محيط علما ، لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر . يقول جل ثناؤه : فخافوا أيها الناس المخالفون أمر ربكم عقوبته ، فإنه لا يمنعه من عقوبتكم مانع ، وهو على ذلك قادر ومحيط أيضا بأعمالكم ، فلا يخفى عليه منها خاف ، وهو محصيها عليكم ، ليجازيكم بها ، يوم تجزى كل نفس ما كسبت .
آخر تفسير سورة الطلاق