[ ص: 506 ] القول في تأويل قوله تعالى : (
الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ( 3 )
ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير ( 4 ) )
يقول تعالى ذكره : مخبرا عن صفته : (
الذي خلق سبع سماوات طباقا ) طبقا فوق طبق ، بعضها فوق بعض .
وقوله : (
ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ) يقول جل ثناؤه : ما ترى في خلق الرحمن الذي خلق لا في سماء ولا في أرض ، ولا في غير ذلك من تفاوت ، يعني من اختلاف .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ) : ما ترى فيهم من اختلاف .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، في قوله : ( من تفاوت ) قال : من اختلاف .
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء
المدينة والبصرة وبعض الكوفيين : ( من تفاوت ) بألف . وقرأ ذلك عامة قراء
الكوفة : ( من تفوت ) بتشديد الواو بغير ألف .
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان بمعنى واحد ، كما قيل : ولا تصاعر ، ولا تصعر; وتعهدت فلانا ، وتعاهدته; وتظهرت ، وتظاهرت ; وكذلك التفاوت والتفوت .
وقوله : (
فارجع البصر هل ترى من فطور )
يقول : فرد البصر ، هل ترى فيه من صدوع؟ وهي من قول الله : (
تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن ) بمعنى يتشققن ويتصدعن ، الفطور مصدر فطر فطورا .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ،
[ ص: 507 ] عن أبيه ، عن
ابن عباس (
هل ترى من فطور ) قال : الفطور : الوهي .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
هل ترى من فطور ) يقول : هل ترى من خلل يا ابن آدم .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ( من فطور ) قال : من خلل
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان (
هل ترى من فطور ) قال : من شقوق .
وقوله : (
ثم ارجع البصر كرتين ) يقول جل ثناؤه : ثم رد البصر يا ابن آدم كرتين ، مرة بعد أخرى ، فانظر (
هل ترى من فطور ) أو تفاوت (
ينقلب إليك البصر خاسئا ) يقول : يرجع إليك بصرك صاغرا مبعدا ، من قولهم للكلب : اخسأ ، إذا طردوه ، أي ابعد صاغرا ( وهو حسير ) يقول : وهو معي كال .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس (
ثم ارجع البصر كرتين ) يقول : هل ترى في السماء من خلل؟ (
ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير ) بسواد الليل .
حدثني
علي ، قال : ثنا
أبو صالح ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، في قوله : (
خاسئا وهو حسير ) يقول : ذليلا ، وقوله : ( وهو حسير ) يقول : مرجف .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
ينقلب إليك البصر خاسئا ) أي حاسرا ( وهو حسير ) أي معي
حدثني
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، في قوله : ( خاسئا ) قال : صاغرا ، ( وهو حسير ) يقول : معي لم ير خللا ولا تفاوتا .
وقال بعضهم : الخاسئ والحسير واحد .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يونس قال أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله :
[ ص: 508 ] (
فارجع البصر هل ترى من فطور ) . . . الآية ، قال : الخاسئ والخاسر واحد; حسر طرفه أن يرى فيها فطرا فرجع وهو حسير قبل أن يرى فيها فطرا; قال : فإذا جاء يوم القيامة انفطرت ثم انشقت ، ثم جاء أمر أكبر من ذلك انكشطت .