القول في تأويل قوله تعالى : (
تكاد تميز من الغيظ كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير ( 8 )
قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير ( 9 ) )
يقول تعالى ذكره : ( تكاد ) جهنم ( تميز ) يقول : تتفرق وتتقطع ( من الغيظ ) على أهلها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي ، قال : ثنا
أبو صالح ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، قوله : (
تكاد تميز من الغيظ ) يقول : تتفرق .
[ ص: 510 ]
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : (
تكاد تميز من الغيظ ) تكاد يفارق بعضها بعضا وتنفطر .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
تكاد تميز من الغيظ ) يقول : تفرق .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
تكاد تميز من الغيظ ) قال : التميز : التفرق من الغيظ على أهل معاصي الله غضبا لله ، وانتقاما له .
وقوله : (
كلما ألقي فيها فوج سألهم ) يقول جل ثناؤه : كلما ألقي في جهنم جماعة (
سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير ) يقول : سأل الفوج خزنة جهنم ، فقالوا لهم : ألم يأتكم في الدنيا نذير ينذركم هذا العذاب الذي أنتم فيه؟ فأجابهم المساكين (
قالوا بلى قد جاءنا نذير ) ينذرنا هذا ، فكذبناه وقلنا له (
ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير ) يقول : في ذهاب عن الحق بعيد .