القول في تأويل قوله تعالى : (
قل إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين ( 26 )
فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون ( 27 ) )
يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم : قل يا
محمد لهؤلاء المستعجليك بالعذاب وقيام الساعة : إنما علم الساعة ، ومتى تقوم القيامة عند الله ، لا يعلم ذلك غيره (
وإنما أنا نذير مبين ) يقول : وما أنا إلا نذير لكم أنذركم عذاب الله على كفركم به ( مبين ) : قد أبان لكم إنذاره .
[ ص: 518 ]
وقوله : (
فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا ) يقول تعالى ذكره : فلما رأى هؤلاء المشركون عذاب الله زلفة ، يقول : قريبا ، وعاينوه ، (
سيئت وجوه الذين كفروا ) يقول : ساء الله بذلك وجوه الكافرين .
وبنحو الذي قلنا في قوله : ( زلفة ) قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن
الحسن ، في قوله : (
فلما رأوه زلفة سيئت ) قال : لما عاينوه .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، قال : ثنا
يحيى بن أبي بكير ، قال : ثنا
شعبة ، عن
أبي رجاء ، قال : سألت
الحسن ، عن قوله : (
فلما رأوه زلفة ) قال : معاينة .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى; وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : (
فلما رأوه زلفة ) قال : قد اقترب .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا ) لما عاينت من عذاب الله .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
فلما رأوه زلفة ) قال : لما رأوا عذاب الله زلفة ، يقول : سيئت وجوههم حين عاينوا من عذاب الله وخزيه ما عاينوا .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
فلما رأوه زلفة سيئت ) قيل : الزلفة حاضر ، قد حضرهم عذاب الله عز وجل .
(
وقيل هذا الذي كنتم به تدعون ) يقول : وقال الله لهم : هذا العذاب الذي كنتم به تذكرون ربكم أن يعجله لكم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
وقيل هذا الذي كنتم به تدعون ) قال : استعجالهم بالعذاب .
[ ص: 519 ]
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء الأمصار (
هذا الذي كنتم به تدعون ) بتشديد الدال بمعنى تفتعلون من الدعاء .
وذكر عن
قتادة والضحاك أنهما قرأا ذلك ( تدعون ) بمعنى تفعلون في الدنيا .
حدثني
أحمد بن يوسف ، قال : ثنا
القاسم ، قال : ثنا
حجاج ، عن
هارون ، قال : أخبرنا
أبان العطار وسعيد بن أبي عروبة ، عن
قتادة أنه قرأها ( الذي كنتم به تدعون ) خفيفة ; ويقول : كانوا يدعون بالعذاب ، ثم قرأ : (
وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ) .
والصواب من القراءة في ذلك ، ما عليه قراء الأمصار لإجماع الحجة من القراء عليه .