القول في تأويل
قوله تعالى : ( فلما رأوها قالوا إنا لضالون ( 26 )
بل نحن محرومون ( 27 )
قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون ( 28 ) )
يقول تعالى ذكره : فلما صار هؤلاء القوم إلى جنتهم ، ورأوها محترقا حرثها ، أنكروها وشكوا فيها ، هل هي جنتهم أم لا؟ فقال بعضهم لأصحابه ظنا منه أنهم قد أغفلوا طريق جنتهم ، وأن التي رأوا غيرها : إنا أيها القوم لضالون طريق جنتنا ، فقال من علم أنها جنتهم ، وأنهم لم يخطئوا الطريق : بل نحن أيها القوم محرومون ، حرمنا منفعة جنتنا بذهاب حرثها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
فلما رأوها قالوا إنا لضالون ) : أي أضللنا الطريق ، بل نحن محرومون ، بل جوزينا فحرمنا .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
فلما رأوها قالوا إنا لضالون ) .
[ ص: 550 ] يقول
قتادة : يقولون أخطأنا الطريق ، ما هذه بجنتنا ، فقال بعضهم : بل نحن محرومون ، حرمنا جنتنا .
وقوله : (
قال أوسطهم ) يعني : أعدلهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال; ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : (
قال أوسطهم ) قال : أعدلهم ، ويقال : قال خيرهم ، وقال في البقرة : (
وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) قال : الوسط : العدل .
حدثني
علي ، قال : ثنا
أبو صالح ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، قوله : (
قال أوسطهم ) يقول : أعدلهم .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
الفرات بن خلاد ، عن
سفيان ، عن
إبراهيم بن مهاجر ، عن
مجاهد (
قال أوسطهم ) : أعدلهم .
حدثنا
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى; وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : (
قال أوسطهم ) قال : أعدلهم .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
ابن يمان ، عن
أشعث ، عن
جعفر ، عن
سعيد (
قال أوسطهم ) قال : أعدلهم .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
قال أوسطهم ) أي أعدلهم قولا ، وكان أسرع القوم فزعا ، وأحسنهم رجعة (
ألم أقل لكم لولا تسبحون ) .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
قال أوسطهم ) قال : أعدلهم .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
قال أوسطهم ) يقول : أعدلهم
وقوله : (
ألم أقل لكم لولا تسبحون ) يقول : هلا تستثنون إذ قلتم (
ليصرمنها مصبحين ) فتقولوا إن شاء الله .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
[ ص: 551 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
إبراهيم بن المهاجر ، عن
مجاهد (
لولا تسبحون ) قال : بلغني أنه الاستثناء .
قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
مجاهد (
ألم أقل لكم لولا تسبحون ) قال : يقول : تستثنون ، فكان التسبيح فيهم الاستثناء .