القول في تأويل قوله تعالى (
وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله تعالى ذكره : "وقال الذين اتبعوا " ، وقال أتباع الرجال - الذين كانوا اتخذوهم أندادا من دون الله يطيعونهم في معصية الله ، ويعصون ربهم في طاعتهم ، إذ يرون عذاب الله في الآخرة - : "لو أن لنا كرة " .
يعني "بالكرة " ، الرجعة إلى الدنيا ، من قول القائل : "كررت على القوم أكر كرا " ، و"الكرة " المرة الواحدة ، وذلك إذا حمل عليهم راجعا عليهم بعد الانصراف عنهم ، كما قال
الأخطل :
[ ص: 294 ] ولقد عطفن على فزارة عطفة كر المنيح وجلن ثم مجالا
وكما : -
2432 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد ، عن
سعيد ، عن
قتادة : "
وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا " ، أي : لنا رجعة إلى الدنيا .
2433 - حدثنا
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع : "وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة " قال : قالت الأتباع : لو أن لنا كرة إلى الدنيا فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا .
وقوله : "فنتبرأ منهم " منصوب ، لأنه جواب للتمني ب "الفاء " . لأن القوم تمنوا رجعة إلى الدنيا ليتبرءوا من الذين كانوا يطيعونهم في معصية الله ، كما تبرأ منهم رؤساؤهم الذين كانوا في الدنيا ، المتبوعون فيها على الكفر بالله ، إذ عاينوا عظيم النازل بهم من عذاب الله ، فقالوا : يا ليت لنا كرة إلى الدنيا فنتبرأ منهم ، و (
يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين ) [ سورة الأنعام : 27 ]