القول في تأويل
قوله تعالى : ( ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا ( 15 )
وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا ( 16 )
والله أنبتكم من الأرض نباتا ( 17 )
ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا ( 18 ) )
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل
نوح صلوات الله وسلامه عليه ، لقومه المشركين بربهم ، محتجا عليهم بحجج الله في وحدانيته : ( ألم تروا ) أيها القوم فتعتبروا (
كيف خلق الله سبع سماوات طباقا ) بعضها فوق بعض ، والطباق : مصدر ، من قولهم : طابقت مطابقة وطباقا . وإنما عني بذلك : كيف خلق الله سبع سماوات ، سماء فوق سماء مطابقة .
وقوله : (
وجعل القمر فيهن نورا ) يقول : وجعل القمر في السماوات السبع نورا (
وجعل الشمس ) فيهن ( سراجا ) .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
[ ص: 637 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17105معاذ بن هشام ، قال : ثني أبي ، عن
قتادة (
ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا ) ذكر لنا أن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص كان يقول : إن ضوء الشمس والقمر نورهما في السماء ، اقرءوا إن شئتم : (
ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا ) . . . إلى آخر الآية .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، عن
عبد الله بن عمرو أنه قال : إن الشمس والقمر وجوههما قبل السماوات ، وأقفيتهما قبل الأرض ، وأنا أقرأ بذلك آية من كتاب الله : (
وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا ) .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
وجعل القمر فيهن نورا ) يقول : خلق القمر يوم خلق سبع سماوات .
وكان بعض أهل العربية من
أهل البصرة يقول : إنما قيل (
وجعل القمر فيهن نورا ) على المجاز ، كما يقال : أتيت
بني تميم ، وإنما أتى بعضهم (
والله أنبتكم من الأرض نباتا ) يقول : والله أنشأكم من تراب الأرض ، فخلقكم منه إنشاء (
ثم يعيدكم فيها ) يقول : ثم يعيدكم في الأرض كما كنتم ترابا فيصيركم كما كنتم من قبل أن يخلقكم (
ويخرجكم إخراجا ) يقول ويخرجكم منها إذا شاء أحياء كما كنتم بشرا من قبل أن يعيدكم فيها ، فيصيركم ترابا إخراجا .