القول في تأويل
قوله تعالى : ( وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا )
وقد أضلوا كثيرا ولا تزد الظالمين إلا ضلالا )
يقول تعالى ذكره مخبرا عن إخبار
نوح ، عن قومه : (
وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا ) كان هؤلاء نفرا من بني آدم فيما ذكر عن آلهة القوم التي كانوا يعبدونها .
وكان من خبرهم فيما بلغنا ما حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
موسى ، عن
محمد بن قيس (
ويعوق ونسرا ) قال : كانوا قوما صالحين من بني آدم ، وكان لهم أتباع يقتدون بهم ، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم : لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم ، فصوروهم ، فلما ماتوا ، وجاء آخرون دب إليهم إبليس ، فقال : إنما كانوا يعبدونهم ، وبهم يسقون المطر ، فعبدوهم .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن أبيه ، عن
عكرمة ، قال : كان بين
آدم ونوح عشرة قرون ، كلهم على الإسلام .
وقال آخرون : هذه أسماء أصنام
قوم نوح .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا ) قال : كان ود لهذا الحي من
كلب بدومة الجندل ، وكانت سواع
لهذيل برياط ، وكان يغوث
لبني غطيف من مراد بالجرف من
سبأ ، وكان يعوق
لهمدان ببلخع ، وكان نسر
لذي كلاع من
حمير; قال : وكانت هذه الآلهة يعبدها قوم
نوح ، ثم اتخذها العرب بعد ذلك . والله ما عدا خشبة أو طينة أو حجرا .
[ ص: 640 ]
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا ) قال : كانت آلهة يعبدها قوم
نوح ، ثم عبدتها العرب بعد ذلك ، قال : فكان ود
لكلب بدومة الجندل ، وكان سواع
لهذيل ، وكان يغوث
لبني غطيف من مراد
بالجرف ، وكان يعوق
لهمدان ، وكان نسر
لذي الكلاع من
حمير .
حدثني
علي ، قال : ثنا
أبو صالح ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، قوله : (
لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا ) قال : هذه أصنام كانت تعبد في زمان
نوح .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
ولا يغوث ويعوق ونسرا ) قال : هذه أصنام ، وكانت تعبد في زمان
نوح .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
ولا يغوث ويعوق ونسرا ) هي آلهة كانت تكون
باليمن .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
ولا يغوث ويعوق ونسرا ) قال : هذه آلهتهم التي يعبدون .
واختلفت القراء في قراءة قوله : ( ودا ) فقرأته عامة قراء
المدينة "ودا" بضم الواو ، وقرأته عامة قراء
الكوفة والبصرة : ( ودا ) بفتح الواو .
والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان في قراء الأمصار ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .
وقوله : (
وقد أضلوا كثيرا ) يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل
نوح : وقد ضل بعبادة هذه الأصنام التي أحدثت على صور هؤلاء النفر المسمين في هذا الموضع كثير من الناس ، فنسب الضلال إذ ضل بها عابدوها إلى أنها المضلة .
وقوله : (
ولا تزد الظالمين إلا ضلالا ) يقول : ولا تزد الظالمين أنفسهم بكفرهم بآياتنا إلا ضلالا ، إلا طبعا على قلبه ، حتى لا يهتدي للحق .