القول في تأويل
قوله تعالى : ( فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا ( 17 )
السماء منفطر به كان وعده مفعولا ( 18 ) )
يقول تعالى ذكره للمشركين به : فكيف لا تخافون أيها الناس يوما يجعل الولدان شيبا إن كفرتم بالله ، ولم تصدقوا به . وذكر أن ذلك كذلك في قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، في قوله : (
فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا ) يقول : كيف تتقون يوما ، وأنتم قد كفرتم به ولا تصدقون به .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة : (
فكيف تتقون إن كفرتم ) قال : والله لا يتقي من كفر بالله ذلك اليوم .
وقوله : (
يوما يجعل الولدان شيبا ) يعني يوم القيامة ، وإنما تشيب الولدان من شدة هوله وكربه .
كما حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
يوما يجعل الولدان شيبا ) كان
ابن مسعود يقول : "إذا كان يوم القيامة دعا ربنا الملك
آدم ، فيقول : يا
آدم قم فابعث بعث النار ، فيقول
آدم : أي رب ، لا علم لي إلا ما علمتني ، فيقول الله له : أخرج من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعين ، فيساقون إلى النار سودا مقرنين ، زرقا كالحين ، فيشيب هنالك كل وليد" .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
يوما يجعل الولدان شيبا ) قال : تشيب الصغار من كرب ذلك اليوم .
وقوله : (
السماء منفطر به ) يقول تعالى ذكره : السماء مثقلة بذلك اليوم
[ ص: 695 ] متصدعة متشققة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : (
السماء منفطر به ) يعني : تشقق السماء حين ينزل الرحمن جل وعز .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : (
منفطر به ) قال : مثقلة به .
حدثنا
أبو حفص الحيري ، قال : ثنا
مؤمل ، قال : ثنا
أبو مودود ، عن
الحسن ، في قوله : (
السماء منفطر به ) قال : مثقلة محزونة يوم القيامة .
حدثني
علي بن سهل ، قال : ثنا
مؤمل ، قال : ثنا
أبو مودود بحر بن موسى ، قال : سمعت
ابن أبي علي يقول في هذه الآية ، ثم ذكر نحوه .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح ، قال : ثنا
الحسين ، عن
يزيد ، عن
عكرمة (
السماء منفطر به ) قال : مثقلة به .
حدثني
يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، قال : ثنا
أبو رجاء ، عن
الحسن ، في قوله : (
السماء منفطر به ) قال : موقرة مثقلة .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
السماء منفطر به ) يقول : مثقل به ذلك اليوم .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
السماء منفطر به ) قال : هذا يوم القيامة ، فجعل الولدان شيبا ، ويوم تنفطر السماء ، وقرأ : (
إذا السماء انفطرت ) وقال : هذا كله يوم القيامة .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
جابر ، عن
عبد الله بن يحيى ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس (
السماء منفطر به ) قال : ممتلئة به ، بلسان
الحبشة .
حدثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
جابر ، عن
عكرمة ، ولم يسمعه عن
ابن عباس (
السماء منفطر به ) قال : ممتلئة به .
[ ص: 696 ]
وذكرت السماء في هذا الموضع لأن العرب تذكرها وتؤنثها ، فمن ذكرها وجهها إلى السقف ، كما يقال : هذا سماء البيت : لسقفه . وقد يجوز أن يكون تذكيرهم إياها لأنها من الأسماء التي لا فصل فيها بين مؤنثها ومذكرها; ومن التذكير قول الشاعر :
فلو رفع السماء إليه قوما لحقنا بالسماء مع السحاب
وقوله : (
كان وعده مفعولا ) يقول تعالى ذكره : كان ما وعد الله من أمر أن يفعله مفعولا؛ لأنه لا يخلف وعده ، وما وعد أن يفعله تكوينه يوم تكون الولدان شيبا ، يقول : فاحذروا ذلك اليوم أيها الناس ، فإنه كائن لا محالة .