[ ص: 7 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في
تأويل قوله تعالى : ( يا أيها المدثر ( 1 )
قم فأنذر ( 2 )
وربك فكبر ( 3 )
وثيابك فطهر ( 4 )
والرجز فاهجر ( 5 )
ولا تمنن تستكثر ( 6 )
ولربك فاصبر ( 7 ) )
يقول جل ثناؤه : (
يا أيها المدثر ) يأيها المتدثر بثيابه عند نومه .
وذكر أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قيل له ذلك ، وهو متدثر بقطيفة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، قال : ثنا
يحيى بن سعيد ، عن
شعبة ، عن
المغيرة ، عن
إبراهيم (
يا أيها المدثر ) قال : كان متدثرا في قطيفة . وذكر أن هذه الآية
أول شيء نزل من القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه قيل له : (
يا أيها المدثر ) .
كما حدثنا
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب قال : أخبرنا
يونس ، عن
ابن شهاب ، قال : أخبرني
أبو سلمة بن عبد الرحمن ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدث عن
فترة الوحي : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=811126بينا أنا أمشي سمعت صوتا من السماء ، فرفعت رأسي ، فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فجثثت منه فرقا ، وجئت أهلي فقلت : زملوني زملوني ، فدثروني " فأنزل الله ( يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر ) إلى قوله : ( والرجز فاهجر ) قال : ثم تتابع الوحي .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم ، قال : ثنا
الأوزاعي ، قال : ثني
[ ص: 8 ] nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811127سألت أبا سلمة : أي القرآن أنزل أولا ، فقال : ( يا أيها المدثر ) فقلت : يقولون ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) ، فقال أبو سلمة : سألت nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله : أي القرآن أنزل أولا ؟ فقال : ( يا أيها المدثر ) ، فقلت : يقولون : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) فقال : لا أخبرك إلا ما حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : جاورت في حراء ; فلما قضيت جواري هبطت ، فاستبطنت الوادي ، فنوديت ، فنظرت عن يميني وعن شمالي وخلفي وقدامي ، فلم أر شيئا ، فنظرت فوق رأسي فإذا هو جالس على عرش بين السماء والأرض ، فخشيت منه ، هكذا قال عثمان بن عمرو ، إنما هو : فجثثت منه ، ولقيت خديجة ، فقلت دثروني ، فدثروني ، وصبوا علي ماء ، فأنزل الله علي ( يا أيها المدثر قم فأنذر ) .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
علي بن مبارك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير ، قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=811128سألت أبا سلمة عن أول ما نزل من القرآن ، قال : نزلت ( يا أيها المدثر ) أول; قال : قلت : إنهم يقولون ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) ، فقال : سألت nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، فقال : لا أحدثك إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " جاورت بحراء ; فلما قضيت جواري هبطت ، فسمعت صوتا ، فنظرت عن يميني فلم أر شيئا ، ونظرت خلفي فلم أر شيئا ، فرفعت رأسي فرأيت شيئا ، فأتيت خديجة ، فقلت : دثروني وصبوا علي ماء باردا ، فنزلت ( يا أيها المدثر ) .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
الزهري ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811843فتر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فترة ، فحزن حزنا ، فجعل يعدو إلى شواهق رءوس الجبال ليتردى منها ، فكلما أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل عليه السلام فيقول : إنك نبي الله ، فيسكن جأشه ، وتسكن نفسه ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يحدث عن ذلك ، قال : " بينما أنا أمشي يوما إذ رأيت الملك الذي كان يأتيني بحراء على كرسي بين السماء والأرض ، فجثثت منه رعبا ، فرجعت إلى خديجة فقلت : " زملوني " ، فزملناه : أي فدثرناه ، فأنزل الله : ( يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر ) قال الزهري : فكان أول شيء أنزل عليه : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) حتى بلغ ( ما لم يعلم ) .
واختلف أهل التأويل في معنى قوله : (
يا أيها المدثر ) ، فقال بعضهم : معنى
[ ص: 9 ] ذلك : يأيها النائم في ثيابه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله (
يا أيها المدثر ) قال : يأيها النائم .
حدثنا
بشر ، ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
يا أيها المدثر ) يقول : المتدثر في ثيابه .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : يأيها المتدثر النبوة وأثقالها .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، قال : ثنا
عبد الأعلى ، قال : وسئل
داود عن هذه الآية (
يا أيها المدثر ) فحدثنا عن
عكرمة أنه قال : دثرت هذا الأمر فقم به .
وقوله : (
قم فأنذر ) يقول تعالى ذكره لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : قم من نومك فأنذر عذاب الله قومك الذين أشركوا بالله ، وعبدوا غيره .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
قم فأنذر ) : أي أنذر عذاب الله ووقائعه في الأمم ، وشدة نقمته .
وقوله : (
وربك فكبر ) يقول تعالى ذكره : وربك يا
محمد فعظم بعبادته ، والرغبة إليه في حاجاتك دون غيره من الآلهة والأنداد .
وقوله : (
وثيابك فطهر ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : لا تلبس ثيابك على معصية ، ولا على غدرة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس (
وثيابك فطهر ) قال : أما سمعت قول
غيلان بن سلمة :
وإني بحمد الله لا ثوب فاجر
لبست ولا من غدرة أتقنع
[ ص: 10 ]
حدثنا
أبو كريب : قال : ثنا
مصعب بن سلام ، عن
الأجلح ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس ، قال : أتاه رجل وأنا جالس فقال : أرأيت قول الله : (
وثيابك فطهر ) قال : لا تلبسها على معصية ولا على غدرة ، ثم قال : أما سمعت قول
غيلان بن سلمة الثقفي :
وإني بحمد الله لا ثوب فاجر
لبست ولا من غدرة أتقنع
حدثنا
سعيد بن يحيى ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث ، عن
الأجلح ، عن
عكرمة ، قوله : (
وثيابك فطهر ) قال : لا تلبسها على غدرة ، ولا على فجرة ثم تمثل بشعر
غيلان بن سلمة هذا .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، قال : ثنا
سفيان ، عن
الأجلح بن عبد الله الكندي ، عن
عكرمة (
وثيابك فطهر ) قال : لا تلبس ثيابك على معصية ، ألم تسمع قول
غيلان بن سلمة الثقفي :
وإني بحمد الله لا ثوب فاجر
لبست ولا من غدرة أتقنع
حدثني
زكريا بن يحيى بن أبي زائدة ، قال : ثنا
حجاج ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : أخبرني
عطاء ، أنه سمع
ابن عباس يقول : (
وثيابك فطهر ) قال : من الإثم ، ثم قال : نقي الثياب في كلام العرب .
حدثنا
سعيد بن يحيى ، قال : ثنا
حفص بن غياث القاضي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء ، عن
ابن عباس ، قوله : (
وثيابك فطهر ) قال : في كلام العرب : نقي الثياب .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، قال : ثنا
يحيى بن سعيد ، عن
شعبة ، عن
مغيرة ، عن
إبراهيم (
وثيابك فطهر ) قال : من الذنوب .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
يحيى بن سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء ، عن
ابن عباس (
وثيابك فطهر ) قال : من الذنوب .
[ ص: 11 ]
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
وثيابك فطهر ) قال : هي كلمة من العربية كانت العرب تقولها : طهر ثيابك : أي من الذنوب .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
وثيابك فطهر ) يقول : طهرها من المعاصي ، فكانت العرب تسمي الرجل إذا نكث ولم يف بعهد أنه دنس الثياب ، وإذا وفى وأصلح قالوا : مطهر الثياب .
حدثنا
ابن حميد ، قال ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء ، عن
ابن عباس : (
وثيابك فطهر ) قال : من الإثم .
قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
مغيرة ، عن
إبراهيم (
وثيابك فطهر ) قال : من الإثم .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
وثيابك فطهر ) يقول : لا تلبس ثيابك على معصية .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء ، عن
ابن عباس (
وثيابك فطهر ) قال : من الإثم .
قال ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
مغيرة ، عن
إبراهيم ، قال : من الإثم .
قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
الأجلح ، سمع
عكرمة قال : لا تلبس ثيابك على معصية .
قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
جابر ، عن
عامر nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء قالا من الخطايا .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : لا تلبس ثيابك من مكسب غير طيب .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس (
وثيابك فطهر ) قال : لا تكن ثيابك التي تلبس من مكسب غير طائب ، ويقال : لا تلبس ثيابك على معصية .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : أصلح عملك .
[ ص: 12 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14919فضيل بن عياض ، عن
منصور ، عن
مجاهد ، في قوله : (
وثيابك فطهر ) قال : عملك فأصلح .
[ ص: 12 ]
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
جرير ، عن
منصور ، عن
أبي رزين في قوله : (
وثيابك فطهر ) قال : عملك فأصلحه ، وكان الرجل إذا كان خبيث العمل ، قالوا : فلان خبيث الثياب ، وإذا كان حسن العمل قالوا : فلان طاهر الثياب .
وقال آخرون في ذلك ما حدثنا
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى; وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : (
وثيابك فطهر ) قال : لست بكاهن ولا ساحر ، فأعرض عما قالوا .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : اغسلها بالماء ، وطهرها من النجاسة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=14745عباس بن أبي طالب ، قال : ثنا
علي بن عبد الله بن جعفر ، عن
أحمد بن موسى بن أبى مريم صاحب اللؤلؤ ، قال : أخبرنا
ابن عون ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين (
وثيابك فطهر ) قال : اغسلها بالماء .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
وثيابك فطهر ) قال : كان المشركون لا يتطهرون ، فأمره أن يتطهر ، ويطهر ثيابه .
وهذا القول الذي قاله
ابن سيرين وابن زيد في ذلك أظهر معانيه ، والذي قاله
ابن عباس ، وعكرمة وابن زكريا قول عليه أكثر السلف من أنه عني به : جسمك فطهر من الذنوب ، والله أعلم بمراده من ذلك .
(
والرجز فاهجر ) اختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأه بعض قراء
المدينة وعامة قراء
الكوفة : ( والرجز ) بكسر الراء ، وقرأه بعض المكيين والمدنيين ( والرجز ) بضم الراء ، فمن ضم الراء وجهه إلى الأوثان ، وقال : معنى الكلام : والأوثان فاهجر عبادتها ، واترك خدمتها ، ومن كسر الراء وجهه إلى العذاب ، وقال : معناه : والعذاب فاهجر ، أي ما أوجب لك العذاب من الأعمال فاهجر .
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب ، والضم والكسر في ذلك لغتان بمعنى واحد ، ولم نجد أحدا من متقدمي أهل التأويل فرق بين تأويل ذلك ، وإنما فرق بين ذلك فيما بلغنا
الكسائي .
واختلف أهل التأويل في معنى ( الرجز ) في هذا الموضع ، فقال بعضهم : هو الأصنام .
[ ص: 13 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي ، قال : ثنا
أبو صالح ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، في قوله : (
والرجز فاهجر ) يقول : السخط وهو الأصنام .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ; وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : (
والرجز فاهجر ) قال : الأوثان .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
إسرائيل - قال
أبو جعفر : أحسبه أنا - عن
جابر ، عن
مجاهد وعكرمة (
والرجز فاهجر ) قال : الأوثان .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
والرجز فاهجر ) : إساف ونائلة ، وهما صنمان كانا عند البيت يمسح وجوههما من أتى عليهما ، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يجتنبهما ويعتزلهما .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
الزهري (
والرجز فاهجر ) قال : هي الأوثان .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
والرجز فاهجر ) قال : الرجز : آلهتهم التي كانوا يعبدون ; أمره أن يهجرها ، فلا يأتيها ، ولا يقربها .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : والمعصية والإثم فاهجر .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
مغيرة ، عن
إبراهيم (
والرجز فاهجر ) قال : الإثم .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
والرجز فاهجر ) يقول : اهجر المعصية . وقد بينا معنى الرجز فيما مضى بشواهده المغنية عن إعادتها في هذا الموضع .
وقوله : (
ولا تمنن تستكثر ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : ولا تعط يا
محمد عطية لتعطى أكثر منها .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثنى أبي ،
[ ص: 14 ] عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : (
ولا تمنن تستكثر ) قال : لا تعط عطية تلتمس بها أفضل منها .
حدثنا
أبو حميد الحمصي أحمد بن المغيرة ، قال : ثني
أبو حيوة شريح بن يزيد الحضرمي ، قال : ثني
أرطاة عن
ضمرة بن حبيب وأبي الأحوص في قوله : (
ولا تمنن تستكثر ) قال : لا تعط شيئا ، لتعطى أكثر منه .
حدثني
يعقوب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
أبي رجاء ، عن
عكرمة ، في قوله : (
ولا تمنن تستكثر ) قال : لا تعط شيئا لتعطى أكثر منه .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، قال : ثنا
محمد بن جعفر ، قال : ثنا
شعبة ، قال : أخبرني من سمع
عكرمة يقول : (
ولا تمنن تستكثر ) قال : لا تعط العطية لتريد أن تأخذ أكثر منها .
حدثني
يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : ثنا
فضيل ، عن
منصور ، عن
إبراهيم (
ولا تمنن تستكثر ) قال : لا تعط كيما تزداد .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
سفيان ، عن
مغيرة ، عن
إبراهيم ، في قوله : (
ولا تمنن تستكثر ) قال : لا تعط شيئا لتأخذ أكثر منه .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سلمة ، عن
الضحاك (
ولا تمنن تستكثر ) قال : لا تعط لتعطى أكثر منه .
قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
مغيرة ، عن
إبراهيم ، في قوله : (
ولا تمنن تستكثر ) قال : لا تعط لتعطى أكثر منه .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
جرير ، عن
منصور ، عن
إبراهيم ، في قوله : (
ولا تمنن تستكثر ) قال : لا تعط شيئا لتزداد .
حدثنا
أبو كريب قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
ابن أبي رواد ، عن
الضحاك ، قال : هو الربا الحلال ، كان للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
أبي حجيرة ، عن
الضحاك ، هما ربوان : حلال ، وحرام ; فأما الحلال : فالهدايا ، والحرام : فالربا .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
ولا تمنن تستكثر ) يقول : لا تعط شيئا ، إنما بك مجازاة الدنيا ومعارضها .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ( ولا تمنن
[ ص: 15 ] تستكثر ) قال : لا تعط شيئا لتثاب أفضل منه ، وقاله أيضا
طاوس .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ; وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : (
ولا تمنن تستكثر ) قال : تعطي مالا مصانعة رجاء أفضل منه من الثواب في الدنيا .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
مغيرة ، عن
إبراهيم ، قال : لا تعط لتعطى أكثر منه .
قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
منصور ، عن
إبراهيم (
ولا تمنن تستكثر ) قال : لا تعط لتزداد .
قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن رجل ، عن
الضحاك بن مزاحم (
ولا تمنن تستكثر ) قال : هي للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، وللناس عامة موسع عليهم .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولا تمنن عملك على ربك تستكثر .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
مجاهد بن موسى ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سفيان بن حسين ، عن
الحسن ، في قوله : (
ولا تمنن تستكثر ) قال : لا تمنن عملك تستكثره على ربك .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، قال : ثنا
هوذة ، قال : ثنا
عوف ، عن
الحسن (
ولا تمنن تستكثر ) قال : لا تمنن تستكثر عملك .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح ، قال : ثنا
يونس بن نافع أبو غانم ، عن
أبي سهل كثير بن زياد ، عن
الحسن (
ولا تمنن تستكثر ) يقول : لا تمنن تستكثر عملك الصالح .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
أبي جعفر ، عن
الربيع بن أنس (
ولا تمنن تستكثر ) قال : لا يكثر عملك في عينك ، فإنه فيما أنعم الله عليك وأعطاك قليل .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : لا تضعف أن تستكثر من الخير . ووجهوا معنى قوله : (
ولا تمنن ) أي لا تضعف ، من قولهم : حبل منين : إذا كان ضعيفا .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أبو حميد بن المغيرة الحمصي ، قال : ثنا
عبد الله بن عمرو ، قال : ثنا
[ ص: 16 ] nindex.php?page=showalam&ids=16969محمد بن سلمة ، عن
خصيف عن
مجاهد ، في قوله : (
ولا تمنن تستكثر ) قال : لا تضعف أن تستكثر من الخير ، قال : تمنن في كلام العرب : تضعف .
وقال آخرون في ذلك : لا تمنن بالنبوة على الناس ، تأخذ عليه منهم أجرا .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
ولا تمنن تستكثر ) قال : لا تمنن بالنبوة والقرآن الذي أرسلناك به تستكثرهم به ، تأخذ عليه عوضا من الدنيا .
وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب في ذلك قول من قال : معنى ذلك : ولا تمنن على ربك من أن تستكثر عملك الصالح .
وإنما قلت ذلك أولى بالصواب ، لأن ذلك في سياق آيات تقدم فيهن أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالجد في الدعاء إليه ، والصبر على ما يلقى من الأذى فيه ، فهذه بأن تكون من أنواع تلك ، أشبه منها بأن تكون من غيرها . وذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود أن ذلك في قراءته ( ولا تمنن أن تستكثر ) .
وقوله : (
ولربك فاصبر ) يقول تعالى ذكره : ولربك فاصبر على ما لقيت فيه من المكروه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل على اختلاف فيه بين أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : (
ولربك فاصبر ) قال : على ما أوتيت .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
ولربك فاصبر ) قال : حمل أمرا عظيما محاربة العرب ، ثم العجم من بعد العرب في الله .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولربك فاصبر على عطيتك .
[ ص: 17 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
مغيرة ، عن
إبراهيم (
ولربك فاصبر ) قال : اصبر على عطيتك .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
مغيرة ، عن
إبراهيم ، قال : اصبر على عطيتك لله .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
سفيان ، عن
مغيرة ، عن
إبراهيم ، في قوله : (
ولربك فاصبر ) قال : عطيتك اصبر عليها .