القول في
تأويل قوله تعالى : ( كلا إنه تذكرة ( 54 )
فمن شاء ذكره ( 55 )
[ ص: 44 ] وما يذكرون إلا أن يشاء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة ( 56 ) ) .
يعني جل ثناؤه بقوله : (
كلا إنه تذكرة ) ليس الأمر كما يقول هؤلاء المشركون في هذا القرآن من أنه سحر يؤثر ، وأنه قول البشر ، ولكنه تذكرة من الله لخلقه ، ذكرهم به .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
كلا إنه تذكرة ) أي : القرآن .
وقوله : (
فمن شاء ذكره ) يقول تعالى ذكره : فمن شاء من عباد الله الذين ذكرهم الله بهذا القرآن ذكره ، فاتعظ فاستعمل ما فيه من أمر الله ونهيه (
وما يذكرون إلا أن يشاء الله ) يقول تعالى ذكره : وما يذكرون هذا القرآن فيتعظون به ، ويستعملون ما فيه ، إلا أن يشاء الله أن يذكروه; لأنه لا أحد يقدر على شيء إلا بأن يشاء الله يقدره عليه ، ويعطيه القدرة عليه .
وقوله : (
هو أهل التقوى وأهل المغفرة ) يقول تعالى ذكره : الله أهل أن يتقي عباده عقابه على معصيتهم إياه ، فيجتنبوا معاصيه ، ويسارعوا إلى طاعته ، (
وأهل المغفرة ) يقول : هو أهل أن يغفر ذنوبهم إذا هم فعلوا ذلك ، ولا يعاقبهم عليها مع توبتهم منها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
هو أهل التقوى وأهل المغفرة ) ربنا محقوق أن تتقى محارمه ، وهو أهل المغفرة يغفر الذنوب .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، في قوله : (
هو أهل التقوى وأهل المغفرة ) قال : أهل أن تتقى محارمه ، (
وأهل المغفرة ) : أهل أن يغفر الذنوب .
آخر تفسير سورة المدثر