القول في
تأويل قوله تعالى : ( واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ( 25 )
ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا ( 26 )
إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا ( 27 ) ) .
يقول تعالى ذكره : ( واذكر ) يا
محمد ( اسم ربك ) فادعه به بكرة في صلاة الصبح ، وعشيا في صلاة الظهر والعصر (
ومن الليل فاسجد له ) يقول : ومن الليل فاسجد له في صلاتك ، فسبحه ليلا طويلا يعني : أكثر الليل ، كما قال جل ثناؤه : (
قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ) .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : (
ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا ) يعني : الصلاة والتسبيح .
[ ص: 117 ]
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ) قال : بكرة : صلاة الصبح ، وأصيلا صلاة الظهر الأصيل .
وقوله : (
ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا ) قال : كان هذا أول شيء فريضة . وقرأ : (
يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه ) ، ثم قال : (
إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه ) إلى قوله : (
فاقرءوا ما تيسر من القرآن ) إلى آخر الآية ، ثم قال : محي هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الناس ، وجعله نافلة فقال : (
ومن الليل فتهجد به نافلة لك ) قال : فجعلها نافلة .
وقوله :
( إن هؤلاء يحبون العاجلة ) يقول تعالى ذكره : إن هؤلاء المشركين بالله يحبون العاجلة ، يعني ، الدنيا ، يقول : يحبون البقاء فيها وتعجبهم زينتها (
ويذرون وراءهم يوما ثقيلا ) يقول : ويدعون خلف ظهورهم العمل للآخرة ، وما لهم فيه النجاة من عذاب الله يومئذ ، وقد تأوله بعضهم بمعنى : ويذرون أمامهم يوما ثقيلا وليس ذلك قولا مدفوعا ، غير أن الذي قلناه أشبه بمعنى الكلمة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان (
ويذرون وراءهم يوما ثقيلا ) قال : الآخرة .