القول في
تأويل قوله تعالى : ( وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما ( 30 )
يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما ( 31 ) ) .
يقول تعالى ذكره : (
وما تشاءون ) اتخاذ السبيل إلى ربكم أيها الناس (
إلا أن يشاء الله ) ذلك لكم لأن الأمر إليه لا إليكم ، وهو في قراءة عبد الله فيما ذكر ( وما تشاءون إلا ما شاء الله ) .
وقوله (
إن الله كان عليما حكيما ) فلن يعدو منكم أحد ما سبق له في علمه بتدبيركم .
وقوله : (
يدخل من يشاء في رحمته ) يقول : يدخل ربكم من يشاء منكم في رحمته ، فيتوب عليه حتى يموت تائبا من ضلالته ، فيغفر له ذنوبه ، ويدخله جنته (
والظالمين أعد لهم عذابا أليما ) يقول : الذين ظلموا أنفسهم ، فماتوا على شركهم ، أعد لهم في الآخرة عذابا مؤلما موجعا ، وهو عذاب جهنم . ونصب قوله : ( والظالمين )
[ ص: 120 ] لأن الواو ظرف لأعد ، والمعنى : وأعد للظالمين عذابا أليما . وذكر أن ذلك في قراءة عبد الله : ( وللظالمين أعد لهم ) بتكرير اللام ، وقد تفعل العرب ذلك ، وينشد لبعضهم :
أقول لها إذا سألت طلاقا إلام تسارعين إلى فراقي ؟
ولآخر :
فأصبحن لا يسألنه عن بما به أصعد في غاوي الهوى أم تصوبا ؟
بتكرير الباء ، وإنما الكلام لا يسألنه عما به .
آخر تفسير سورة الإنسان .