القول في
تأويل قوله تعالى : ( إنما توعدون لواقع ( 7 )
فإذا النجوم طمست ( 8 )
وإذا السماء فرجت ( 9 )
وإذا الجبال نسفت ( 10 )
وإذا الرسل أقتت ( 11 )
لأي يوم أجلت ( 12 )
ليوم الفصل ( 13 )
وما أدراك ما يوم الفصل ( 14 )
ويل يومئذ للمكذبين ( 15 ) ) .
يقول تعالى ذكره : والمرسلات عرفا ، إن الذي توعدون أيها الناس من الأمور لواقع ، وهو كائن لا محالة ، يعني بذلك يوم القيامة ، وما ذكر الله أنه أعد لخلقه يومئذ من الثواب والعذاب .
وقوله : (
فإذا النجوم طمست ) يقول : فإذا النجوم ذهب ضياؤها ، فلم يكن لها نور ولا ضوء (
وإذا السماء فرجت ) يقول : وإذا السماء شققت وصدعت (
وإذا الجبال نسفت ) يقول : وإذا الجبال نسفت من أصلها ، فكانت هباء منبثا (
وإذا الرسل أقتت ) يقول تعالى ذكره : وإذا الرسل أجلت للاجتماع لوقتها يوم القيامة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : (
وإذا الرسل أقتت ) يقول : جمعت .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، [ ص: 130 ] في قول الله : ( أقتت ) قال : أجلت .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، قال : قال
مجاهد (
وإذا الرسل أقتت ) قال : أجلت .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ; وحدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، جميعا عن
سفيان ، عن
منصور عن
إبراهيم (
وإذا الرسل أقتت ) قال : أوعدت .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
وإذا الرسل أقتت ) قال : أقتت ليوم القيامة ، وقرأ : (
يوم يجمع الله الرسل ) قال : والأجل : الميقات ، وقرأ : (
يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ) ، وقرأ : (
إلى ميقات يوم معلوم ) قال : إلى يوم القيامة ، قال : لهم أجل إلى ذلك اليوم حتى يبلغوه .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
جرير ، عن
منصور ، عن
إبراهيم ، في قوله : (
وإذا الرسل أقتت ) قال : وعدت .
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء
المدينة غير
أبي جعفر ، وعامة قراء
الكوفة : ( أقتت ) بالألف وتشديد القاف ، وقرأه بعض قراء
البصرة بالواو وتشديد القاف ( وقتت ) وقرأه
أبو جعفر ( وقتت ) بالواو وتخفيف القاف .
والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن كل ذلك قراءات معروفات ولغات مشهورات بمعنى واحد ، فبأيتها قرأ القارئ فمصيب ، وإنما هو فعلت من الوقت ، غير أن من العرب من يستثقل ضمة الواو ، كما يستثقل كسرة الياء في أول الحرف فيهمزها ، فيقول : هذه أجوه حسان بالهمزة ، وينشد بعضهم :
يحل أحيده ويقال بعل ومثل تمول منه افتقار
[ ص: 131 ]
وقوله : (
لأي يوم أجلت ) يقول تعالى ذكره معجبا عباده من هول ذلك اليوم وشدته : لأي يوم أجلت الرسل ووقتت ، ما أعظمه وأهوله; ثم بين ذلك : وأي يوم هو ؟ فقال : أجلت (
ليوم الفصل ) يقول : ليوم يفصل الله فيه بين خلقه القضاء ، فيأخذ للمظلوم من الظالم ، ويجزي المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
لأي يوم أجلت ليوم الفصل ) يوم يفصل فيه بين الناس بأعمالهم إلى الجنة وإلى النار .
وقوله : (
وما أدراك ما يوم الفصل ) يقول تعالى ذكره لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : وأي شيء أدراك يا
محمد ما يوم الفصل ، معظما بذلك أمره ، وشدة هوله .
كما حدثني
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
وما أدراك ما يوم الفصل ) تعظيما لذلك اليوم .
وقوله : (
ويل يومئذ للمكذبين ) يقول تعالى ذكره : الوادي الذي يسيل في جهنم من صديد أهلها للمكذبين بيوم الفصل .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
ويل يومئذ للمكذبين ) ويل والله طويل .