[ ص: 146 ] [ ص: 147 ] [ ص: 148 ] [ ص: 149 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في
تأويل قوله تعالى : ( عم يتساءلون ( 1 )
عن النبإ العظيم ( 2 )
الذي هم فيه مختلفون ( 3 )
كلا سيعلمون ( 4 )
ثم كلا سيعلمون ( 5 ) ) .
يقول تعالى ذكره : عن أي شيء يتساءل هؤلاء المشركون بالله ورسوله من قريش يا
محمد ، وقيل ذلك له صلى الله عليه وسلم ، وذلك أن
قريشا جعلت فيما ذكر عنها تختصم وتتجادل في الذي دعاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإقرار بنبوته ، والتصديق بما جاء به من عند الله ، والإيمان بالبعث ، فقال الله لنبيه : فيم يتساءل هؤلاء القوم ويختصمون ، و " في " و " عن " في هذا الموضع بمعنى واحد .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع بن الجراح ، عن
مسعر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16933محمد بن جحادة ، عن
الحسن ، قال : لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم جعلوا يتساءلون بينهم ، فأنزل الله : (
عم يتساءلون عن النبإ العظيم ) يعني : الخبر العظيم .
قال
أبو جعفر ، ثم أخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم عن الذي يتساءلونه ، فقال : يتساءلون عن النبأ العظيم : يعني : عن الخبر العظيم .
واختلف أهل التأويل في المعني بالنبأ العظيم ، فقال بعضهم : أريد به القرآن .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قول الله : (
عن النبإ العظيم ) قال : القرآن .
وقال آخرون : عني به البعث .
[ ص: 150 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، في قوله : (
عن النبإ العظيم ) وهو البعث بعد الموت .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
سعيد ، عن
قتادة (
عن النبإ العظيم ) قال : النبأ العظيم : البعث بعد الموت .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
عم يتساءلون عن النبإ العظيم الذي هم فيه مختلفون ) قال : يوم القيامة; قال : قالوا هذا اليوم الذي تزعمون أنا نحيا فيه وآباؤنا ، قال : فهم فيه مختلفون ، لا يؤمنون به ، فقال الله : بل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون : يوم القيامة لا يؤمنون به .
وكان بعض أهل العربية يقول : معنى ذلك : عم يتحدث به
قريش في القرآن ، ثم أجاب فصارت عم كأنها في معنى : لأي شيء يتساءلون عن القرآن ، ثم أخبر فقال : (
الذي هم فيه مختلفون ) بين مصدق ومكذب ، فذلك إخلافهم ، وقوله : (
الذي هم فيه مختلفون ) يقول تعالى ذكره : الذي صاروا هم فيه مختلفون فريقين : فريق به مصدق ، وفريق به مكذب . يقول تعالى ذكره : فتساؤلهم بينهم في النبأ الذي هذه صفته .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سعيد ، عن
قتادة : عن النبأ (
الذي هم فيه مختلفون ) البعث بعد الموت ، فصار الناس فيه فريقين : مصدق ومكذب ، فأما الموت فقد أقروا به لمعاينتهم إياه ، واختلفوا في البعث بعد الموت .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
الذي هم فيه مختلفون ) صار الناس فيه رجلين : مصدق ، ومكذب ، فأما الموت فإنهم أقروا به كلهم لمعاينتهم إياه ، واختلفوا في البعث بعد الموت .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
الذي هم فيه مختلفون ) قال : مصدق ومكذب .
وقوله : ( كلا ) يقول تعالى ذكره : ما الأمر كما يزعم هؤلاء المشركون الذين ينكرون بعث الله إياهم أحياء بعد مماتهم ، وتوعدهم جل ثناؤه على هذا القول منهم ،
[ ص: 151 ] فقال : ( سيعلمون ) يقول : سيعلم هؤلاء الكفار المنكرون وعيد الله أعداءه ، ما الله فاعل بهم يوم القيامة ، ثم أكد الوعيد بتكرير آخر ، فقال : ما الأمر كما يزعمون من أن الله غير محييهم بعد مماتهم ، ولا معاقبهم على كفرهم به ، سيعلمون أن القول غير ما قالوا إذا لقوا الله ، وأفضوا إلى ما قدموا من سيئ أعمالهم .
وذكر عن
الضحاك بن مزاحم في ذلك ما حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
أبي سنان ، عن
ثابت ، عن
الضحاك (
كلا سيعلمون ) الكفار (
ثم كلا سيعلمون ) المؤمنون ، وكذلك كان يقرؤها .