[ ص: 182 ] [ ص: 183 ] [ ص: 184 ] [ ص: 185 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في
تأويل قوله تعالى : ( والنازعات غرقا ( 1 )
والناشطات نشطا ( 2 )
والسابحات سبحا ( 3 )
فالسابقات سبقا ( 4 )
فالمدبرات أمرا ( 5 )
يوم ترجف الراجفة ( 6 )
تتبعها الرادفة ( 7 )
قلوب يومئذ واجفة ( 8 )
أبصارها خاشعة ( 9 ) ) .
أقسم ربنا جل جلاله بالنازعات ، واختلف أهل التأويل فيها ، وما هي ، وما تنزع ؟ فقال بعضهم : هم الملائكة التي تنزع نفوس بني
آدم ، والمنزوع نفوس الآدميين .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
إسحاق بن أبي إسرائيل ، قال : ثنا
النضر بن شميل ، قال : أخبرنا
شعبة ، عن
سليمان ، قال : سمعت
أبا الضحى ، عن
مسروق ، عن
عبد الله (
والنازعات غرقا ) قال : الملائكة .
حدثني
أبو السائب ، قال : ثنا أبو
معاوية ، عن
الأعمش ، عن
مسلم ، عن
مسروق أنه كان يقول في النازعات : هي الملائكة .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، قال : ثنا
يوسف بن يعقوب ، قال : ثنا
شعبة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، عن
أبي صالح ، عن
ابن عباس في النازعات قال : حين تنزع نفسه .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : (
والنازعات غرقا ) قال : تنزع الأنفس .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
ابن يمان ، عن
أشعث ، عن
جعفر ، عن
سعيد ، في قوله : (
والنازعات غرقا ) قال : نزعت أرواحهم ، ثم غرقت ، ثم قذف بها في النار .
وقال آخرون : بل هو الموت ينزع النفوس .
[ ص: 186 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
والنازعات غرقا ) قال : الموت .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
عبد الله بن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
وقال آخرون : هي النجوم تنزع من أفق إلى أفق .
حدثنا
الفضل بن إسحاق ، قال : ثنا
أبو قتيبة ، قال : ثنا
أبو العوام ، أنه سمع
الحسن في (
والنازعات غرقا ) قال : النجوم .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، في قوله : (
والنازعات غرقا ) قال : النجوم .
وقال آخرون : هي القسي تنزع بالسهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
واصل بن السائب ، عن
عطاء (
والنازعات غرقا ) قال : القسي .
وقال آخرون : هي النفس حين تنزع .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي (
والنازعات غرقا ) قال : النفس حين تغرق في الصدر .
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إن الله تعالى ذكره أقسم بالنازعات غرقا ، ولم يخصص نازعة دون نازعة ، فكل نازعة غرقا ، فداخلة في قسمه ، ملكا كان أو موتا ، أو نجما ، أو قوسا ، أو غير ذلك . والمعنى : والنازعات إغراقا كما يغرق النازع في القوس .
وقوله : ( والناشطات نشطا ) اختلف أهل التأويل أيضا فيهن ، وما هن ، وما الذي ينشط ، فقال بعضهم : هم الملائكة ، تنشط نفس المؤمن فتقبضها ، كما ينشط
[ ص: 187 ] العقال من البعير إذا حل عنه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس : (
والناشطات نشطا ) قال : الملائكة .
وكان الفراء يقول : الذي سمعت من العرب أن يقولوا : أنشطت ، وكأنما أنشط من عقال ، وربطها : نشطها ، والرابط : الناشط; قال : وإذا ربطت الحبل في يد البعير فقد نشطته تنشطه ، وأنت ناشط ، وإذا حللته فقد أنشطته .
وقال آخرون : (
الناشطات نشطا ) هو الموت ينشط نفس الإنسان .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
والناشطات نشطا ) قال : الموت .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، قال : ثنا
سفيان ، عن
عبد الله بن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
يحيى ، قال : ثنا
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، قال : ثنا
يوسف بن يعقوب ، قال : ثنا
شعبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، عن
ابن عباس (
والناشطات نشطا ) قال : حين تنشط نفسه .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي (
والناشطات نشطا ) قال : نشطها حين تنشط من القدمين .
وقال آخرون : هي النجوم تنشط من أفق إلى أفق .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، قوله : (
والناشطات نشطا ) قال : النجوم .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
والناشطات نشطا ) قال : هن النجوم .
[ ص: 188 ]
وقال آخرون : هي الأوهاق .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
واصل بن السائب ، عن
عطاء (
والناشطات نشطا ) قال : الأوهاق .
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إن الله جل ثناؤه أقسم بالناشطات نشطا ، وهي التي تنشط من موضع إلى موضع ، فتذهب إليه ، ولم يخصص الله بذلك شيئا دون شيء ، بل عم القسم بجميع الناشطات والملائكة تنشط من موضع إلى موضع ، وكذلك الموت ، وكذلك النجوم والأوهاق وبقر الوحش أيضا تنشط ، كما قال
الطرماح :
وهل بحليف الخيل ممن عهدته به غير أحدان النواشط روع
يعنى بالنواشط : بقر الوحش ، لأنها تنشط من بلدة إلى بلدة ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=15876رؤبة بن العجاج :
تنشطته كل مغلاة الوهق
والهموم تنشط صاحبها ، كما قال
هيمان بن قحافة :
أمست همومي تنشط المناشطا الشام بي طورا وطورا واسطا
فكل ناشط فداخل فيما أقسم به إلا أن تقوم حجة يجب التسليم لها بأن المعني بالقسم من ذلك بعض دون بعض .
وقوله : ( والسابحات سبحا ) يقول تعالى ذكره : واللواتي تسبح سبحا .
[ ص: 189 ]
واختلف أهل التأويل في التي أقسم بها جل ثناؤه من السابحات ، فقال بعضهم : هي الموت تسبح في نفس ابن
آدم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
والسابحات سبحا ) قال : الموت ، هكذا وجدته في كتابي .
وقد حدثنا به
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، قال : ثنا
سفيان ، عن
عبد الله بن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
والسابحات سبحا ) قال : الملائكة ، وهكذا وجدت هذا أيضا في كتابي ، فإن يكن ما ذكرنا عن
ابن حميد صحيحا ، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا كان يرى أن نزول الملائكة من السماء سباحة ، كما يقال للفرس الجواد : إنه لسابح إذا مر يسرع .
وقال آخرون : هي النجوم تسبح في فلكها .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
والسابحات سبحا ) قال : هي النجوم .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، مثله .
وقال آخرون : هي السفن .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
واصل بن السائب ، عن
عطاء (
والسابحات سبحا ) قال : السفن .
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إن الله جل ثناؤه أقسم بالسابحات سبحا من خلقه ، ولم يخصص من ذلك بعضا دون بعض ، فذلك كل سابح ، لما وصفنا قبل في النازعات .
وقوله : ( فالسابقات سبقا ) اختلف أهل التأويل فيها ، فقال بعضهم : هي الملائكة .
[ ص: 190 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
عبد الله بن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
فالسابقات سبقا ) قال : الملائكة .
وقد حدثنا بهذا الحديث
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
فالسابقات سبقا ) قال : الموت .
وقال آخرون : بل هي الخيل السابقة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
واصل بن السائب ، عن
عطاء (
فالسابقات سبقا ) قال : الخيل .
وقال آخرون : بل هي النجوم يسبق بعضها بعضا في السير .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
فالسابقات سبقا ) قال : هي النجوم .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، مثله .
والقول عندنا في هذه مثل القول في سائر الأحرف الماضية .
وقوله : ( فالمدبرات أمرا ) يقول : فالملائكة المدبرة ما أمرت به من أمر الله ، وكذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
فالمدبرات أمرا ) قال : هي الملائكة .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، مثله .
وقوله : (
يوم ترجف الراجفة ) يقول تعالى ذكره : يوم ترجف الأرض والجبال للنفخة الأولى (
تتبعها الرادفة ) تتبعها الأخرى بعدها ، هي النفخة الثانية التي ردفت الأولى لبعث يوم القيامة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي ، قال : ثنا
أبو صالح ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، [ ص: 191 ] قوله : (
يوم ترجف الراجفة ) يقول : النفخة الأولى .
وقوله : (
تتبعها الرادفة ) يقول : النفخة الثانية .
حدثنا
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : ( يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة ) يقول : تتبع الآخرة الأولى ، والراجفة : النفخة الأولى ، والرادفة : النفخة الخرة .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
أبي رجاء ، عن
الحسن ، في قوله : (
يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة ) قال : هما النفختان : أما الأولى فتميت الأحياء ، وأما الثانية فتحيي الموتى ، ثم تلا
الحسن : (
ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ) .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة ) قال : هما الصيحتان ، أما الأولى فتميت كل شيء بإذن الله ، وأما الأخرى فتحيي كل شيء بإذن الله ، إن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " بينهما أربعون " قال أصحابه : والله ما زادنا على ذلك . وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=812669يبعث في تلك الأربعين مطر يقال له الحياة ، حتى تطيب الأرض وتهتز ، وتنبت أجساد الناس نبات البقل ، ثم تنفخ الثانية ، فإذا هم قيام ينظرون " .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن
إسماعيل بن رافع المدني ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17347يزيد بن أبي زياد عن رجل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي ، عن رجل من
الأنصار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=812794قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر الصور ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : يا رسول الله ، وما الصور ؟ قال : " قرن " . قال : فكيف هو ؟ قال : " قرن عظيم ينفخ فيه ثلاث نفخات : الأولى نفخة الفزع ، والثانية نفخة الصعق ، والثالثة نفخة القيام ، فيفزع أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله ، ويأمر الله فيديمها ، ويطولها ، ولا يفتر ، وهي التي تقول : ما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة مالها من فواق فيسير الله الجبال ، فتكون سرابا ، وترج الأرض بأهلها رجا ، وهي التي يقول : ( يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذ واجفة ) " .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
عبيد الله بن محمد بن عقيل ، عن
الطفيل بن أبي ، عن أبيه ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811847قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ص: 192 ] ( يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة ) فقال : " جاءت الراجفة تتبعها الرادفة ، جاء الموت بما فيه " .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
يوم ترجف الراجفة ) : النفخة الأولى (
تتبعها الرادفة ) : النفخة الأخرى .
وقال آخرون : في ذلك ما حدثني به
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى; وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قول الله : (
يوم ترجف الراجفة ) قال : ترجف الأرض والجبال ، وهي الزلزلة وقوله : ( الرادفة ) قال : هو قوله : (
إذا السماء انشقت ) (
فدكتا دكة واحدة ) .
وقال آخرون : ترجف الأرض ، والرادفة : الساعة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
يوم ترجف الراجفة ) الأرض ، وفي قوله : (
تتبعها الرادفة ) قال : الرادفة : الساعة .
واختلف أهل العربية في موضع جواب قوله : (
والنازعات غرقا ) فقال بعض نحويي
البصرة : قوله (
والنازعات غرقا ) : قسم والله أعلم على (
أن في ذلك لعبرة لمن يخشى ) وإن شئت جعلتها على (
يوم ترجف الراجفة ) (
قلوب يومئذ واجفة ) وهو كما قال الله وشاء أن يكون في كل هذا ، وفي كل الأمور . وقال بعض نحويي
الكوفة : جواب القسم في النازعات : ما ترك لمعرفة السامعين بالمعنى ، كأنه لو ظهر كان لتبعثن ولتحاسبن . قال : ويدل على ذلك (
أئذا كنا عظاما نخرة ) . ألا ترى أنه كالجواب لقوله : ( لتبعثن ) إذ قال : (
أئذا كنا عظاما نخرة ) ، وقال آخر منهم نحو هذا ، غير أنه قال : لا يجوز حذف اللام في جواب اليمين ، لأنها إذا حذفت لم يعرف موضعها ، وذلك أنها تلي كل كلام .
والصواب من القول في ذلك عندنا ، أن جواب القسم في هذا الموضع مما استغني عنه بدلالة الكلام ، فترك ذكره .
وقوله : ( قلوب يومئذ واجفة ) يقول تعالى ذكره : قلوب خلق من خلقه يومئذ ، خائفة من عظيم الهول النازل .
[ ص: 193 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي ، قال : ثنا
أبو صالح ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس (
قلوب يومئذ واجفة ) يقول : خائفة .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس : ( واجفة ) : خائفة .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، في ( واجفة ) قال : خائفة .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
قلوب يومئذ واجفة ) يقول : خائفة ، وجفت مما عاينت يومئذ .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
قلوب يومئذ واجفة ) قال : الواجفة : الخائفة .
وقوله : (
أبصارها خاشعة ) يقول : أبصار أصحابها ذليلة مما قد علاها من الكآبة والحزن من الخوف والرعب الذي قد نزل بهم من عظيم هول ذلك اليوم .
كما حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
أبصارها خاشعة ) قال : خاشعة للذل الذي قد نزل بها .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
أبصارها خاشعة ) يقول : ذليلة .