القول في تأويل
قوله تعالى : ( وأهديك إلى ربك فتخشى ( 19 )
فأراه الآية الكبرى ( 20 )
فكذب وعصى ( 21 )
ثم أدبر يسعى ( 22 )
فحشر فنادى ( 23 )
فقال أنا ربكم الأعلى ( 24 ) ) .
يقول تعالى ذكره لنبيه
موسى : قل
لفرعون : هل لك إلى أن أرشدك إلى ما يرضي ربك ، وذلك الدين القيم ( فتخشى ) يقول : فتخشى عقابه بأداء ما ألزمك من فرائضه ، واجتناب ما نهاك عنه من معاصيه .
قوله : (
فأراه الآية الكبرى ) يقول تعالى ذكره : فأرى
موسى فرعون الآية الكبرى ، يعني الدلالة الكبرى ، على أنه لله رسول أرسله إليه ، فكانت تلك الآية
يد موسى إذ أخرجها بيضاء للناظرين ، وعصاه إذ تحولت ثعبانا مبينا .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
[ ص: 202 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثني
أبو زائدة زكريا بن يحيى بن أبي زائدة ، قال : ثنا
مسلم بن إبراهيم ، عن
محمد بن سيف أبي رجاء هكذا هو في كتابي وأظنه عن
نوح بن قيس ، عن
محمد بن سيف ، قال : سمعت
الحسن يقول في هذه الآية : (
فأراه الآية الكبرى ) قال : يده وعصاه .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
فأراه الآية الكبرى ) قال : عصاه ويده .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
فأراه الآية الكبرى ) قال : رأى يد موسى وعصاه ، وهما آيتان .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
الآية الكبرى ) قال : عصاه ويده .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
فأراه الآية الكبرى ) قال : العصا والحية .
وقوله : (
فكذب وعصى ) يقول : فكذب
فرعون موسى فيما أتاه من الآيات المعجزة ، وعصاه فيما أمره به من طاعته ربه ، وخشيته إياه .
وقوله : (
ثم أدبر يسعى ) يقول : ثم ولى معرضا عما دعاه إليه
موسى من طاعته ربه ، وخشيته وتوحيده . ( يسعى ) يقول : يعمل في معصية الله ، وفيما يسخطه عليه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : (
ثم أدبر يسعى ) قال : يعمل بالفساد .
وقوله : (
فحشر فنادى ) يقول : فجمع قومه وأتباعه ، فنادى فيهم ( فقال ) لهم : (
أنا ربكم الأعلى ) الذي كل رب دوني ، وكذب الأحمق .
وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
[ ص: 203 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
فحشر فنادى ) قال : صرخ وحشر قومه ، فنادى فيهم ، فلما اجتمعوا قال : (
أنا ربكم الأعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى ) .