[ ص: 212 ] القول في
تأويل قوله تعالى : ( فأما من طغى ( 37 )
وآثر الحياة الدنيا ( 38 )
فإن الجحيم هي المأوى ( 39 )
وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ( 40 )
فإن الجنة هي المأوى ( 41 ) ) .
يقول تعالى ذكره : فأما من عتا على ربه ، وعصاه واستكبر عن عبادته .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : ( طغى ) قال : عصى .
قوله : (
وآثر الحياة الدنيا ) يقول : وآثر متاع الحياة الدنيا على كرامة الآخرة ، وما أعد الله فيها لأوليائه ، فعمل للدنيا ، وسعى لها ، وترك العمل للآخرة (
فإن الجحيم هي المأوى ) يقول : فإن نار الله التي اسمها الجحيم ، هي منزله ومأواه ، ومصيره الذي يصير إليه يوم القيامة .
وقوله : ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ) يقول : وأما من خاف مسألة الله إياه عند وقوفه يوم القيامة بين يديه ، فاتقاه بأداء فرائضه ، واجتناب معاصيه ، (
ونهى النفس عن الهوى ) يقول : ونهى نفسه عن هواها فيما يكرهه الله ، ولا يرضاه منها ، فزجرها عن ذلك ، وخالف هواها إلى ما أمره به ربه (
فإن الجنة هي المأوى ) يقول : فإن الجنة هي مأواه ومنزله يوم القيامة .
وقد ذكرنا أقوال أهل التأويل في معنى قوله : (
ولمن خاف مقام ربه ) فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .