[ ص: 235 ] [ ص: 236 ] [ ص: 237 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى :
( إذا الشمس كورت ( 1 )
وإذا النجوم انكدرت ( 2 )
وإذا الجبال سيرت ( 3 )
وإذا العشار عطلت ( 4 ) ) .
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : (
إذا الشمس كورت ) فقال بعضهم : معنى ذلك : إذا الشمس ذهب ضوءها .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
الحسين بن الحريث ، قال : ثنا
الفضل بن موسى ، عن
الحسين بن واقد ، عن
الربيع بن أنس ، عن
أبي العالية ، قال : ثني
أبي بن كعب ، قال :
ست آيات قبل يوم القيامة : بينا الناس في أسواقهم ، إذ ذهب ضوء الشمس ، فبينما هم كذلك ، إذ تناثرت النجوم ، فبينما هم كذلك ، إذ وقعت الجبال على وجه الأرض ، فتحركت واضطربت واحترقت ، وفزعت الجن إلى الإنس ، والإنس إلى الجن ، واختلطت الدواب والطير والوحش ، وماجوا بعضهم في بعض (
وإذا الوحوش حشرت ) قال : اختلطت (
وإذا العشار عطلت ) قال : أهملها أهلها (
وإذا البحار سجرت ) قال : قالت الجن للإنس : نحن نأتيكم بالخبر ، قال : فانطلقوا إلى البحار ، فإذا هي نار تأجج; قال : فبينما هم كذلك إذ تصدعت الأرض صدعة واحدة إلى الأرض السابعة السفلى ، وإلى السماء السابعة العليا ، قال : فبينما هم كذلك إذ جاءتهم الريح فأماتتهم .
حدثني
علي ، قال : ثنا
أبو صالح ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، قوله : (
إذا الشمس كورت ) يقول : أظلمت .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : (
إذا الشمس كورت ) يعني : ذهبت .
حدثني
محمد بن عمارة ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا
إسرائيل ، [ ص: 238 ] عن
أبي يحيى ، عن
مجاهد (
إذا الشمس كورت ) قال : اضمحلت وذهبت .
حدثنا
ابن بشار وابن المثنى ، قالا ثنا
محمد بن جعفر ، قال : ثنا
شعبة ، عن
قتادة ، في قوله : (
إذا الشمس كورت ) قال : ذهب ضوءها فلا ضوء لها .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
يعقوب القمي ، عن
جعفر ، عن
سعيد ، في قوله : (
إذا الشمس كورت ) قال : غورت ، وهي بالفارسية ، كور تكور .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول ، في قوله : (
إذا الشمس كورت ) أما تكوير الشمس : فذهابها .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
ابن يمان ، عن
أشعث ، عن
جعفر ، عن
سعيد ، في قوله : (
إذا الشمس كورت ) قال : كورت كورا بالفارسية .
وقال آخرون : معنى ذلك : رمي بها .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
عثام بن علي ، قال : ثنا
إسماعيل بن أبي خالد ، عن
أبي صالح ، في قوله : (
إذا الشمس كورت ) قال : نكست .
حدثني
محمد بن عبد الرحمن المسروقي ، قال : ثنا
محمد بن بشر ، قال : ثنا
إسماعيل ، عن
أبي صالح مثله .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، قال : ثنا
بدل بن المحبر ، قال : ثنا
شعبة ، قال : سمعت
إسماعيل ، سمع
أبا صالح في قوله : (
إذا الشمس كورت ) قال : ألقيت .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن أبيه ، عن
أبي يعلى ، عن
ربيع بن خثيم (
إذا الشمس كورت ) قال : رمي بها .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن أبيه ، عن
أبي يعلى ، عن
الربيع بن خثيم ، مثله .
والصواب من القول في ذلك عندنا : أن يقال : ( كورت ) كما قال الله جل ثناؤه ، والتكوير في كلام العرب : جمع بعض الشيء إلى بعض ، وذلك كتكوير العمامة ، وهو لفها على الرأس ، وكتكوير الكارة ، وهي جمع الثياب بعضها إلى بعض ، ولفها ، وكذلك قوله : (
إذا الشمس كورت ) إنما معناه : جمع بعضها إلى بعض ، ثم لفت فرمي بها ، وإذا فعل ذلك بها ذهب ضوءها فعلى التأويل الذي تأولناه وبيناه لكلا القولين
[ ص: 239 ] اللذين ذكرت عن أهل التأويل وجه صحيح ، وذلك أنها إذا كورت ورمي بها ، ذهب ضوءها .
وقوله : (
وإذا النجوم انكدرت ) يقول : وإذا النجوم تناثرت من السماء فتساقطت ، وأصل الانكدار : الانصباب ، كما قال
العجاج :
أبصر خربان فضاء فانكدر
يعني بقوله : انكدر : انصب .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن أبيه ، عن
أبي يعلى ، عن
الربيع بن خثيم (
وإذا النجوم انكدرت ) قال : تناثرت .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن أبيه ، عن
أبي يعلى ، عن
الربيع بن خثيم ، مثله .
حدثني
محمد بن عمارة ، قال : ثنا
عبيد الله ، قال : أخبرنا
إسرائيل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
وإذا النجوم انكدرت ) قال : تناثرت .
حدثني
محمد بن موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، قال : ثنا
محمد بن بشر ، قال : ثنا
إسماعيل ، عن
أبي صالح ، في قوله : (
وإذا النجوم انكدرت ) قال : انتثرت .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
وإذا النجوم انكدرت ) قال : تساقطت وتهافتت .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
وإذا النجوم انكدرت ) قال : رمي بها من السماء إلى الأرض .
وقال آخرون : انكدرت : تغيرت .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي ، قال : ثنا
أبو صالح ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس [ ص: 240 ] (
وإذا النجوم انكدرت ) يقول : تغيرت .
وقوله : (
وإذا الجبال سيرت ) يقول : وإذا الجبال سيرها الله ، فكانت سرابا ، وهباء منبثا .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمارة ، قال : ثنا
عبيد الله ، قال : أخبرنا
إسرائيل ، عن
أبي يحيى ، عن
مجاهد (
وإذا الجبال سيرت ) قال : ذهبت .
قوله : (
وإذا العشار عطلت ) والعشار : جمع عشراء ، وهي التي قد أتى عليها عشرة أشهر من حملها . يقول تعالى ذكره : وإذا هذه الحوامل التي يتنافس أهلها فيها أهملت فتركت ، من شدة الهول النازل بهم فكيف بغيرها ؟! .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
الحسين بن الحريث ، قال : ثنا
الفضل بن موسى ، عن
الحسين بن واقد ، عن
الربيع بن أنس ، عن
أبي العالية ، قال : ثني
أبي بن كعب (
وإذا العشار عطلت ) قال : إذا أهملها أهلها .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن أبيه ، عن
أبي يعلى ، عن
الربيع بن خثيم (
وإذا العشار عطلت ) قال : خلا منها أهلها لم تحلب ولم تصر .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن أبيه ، عن
أبي يعلى ، عن
الربيع بن خثيم (
وإذا العشار عطلت ) قال : لم تحلب ولم تصر ، وتخلى منها أربابها .
حدثني
محمد بن عمارة ، قال : ثنا
عبيد الله ، قال : أخبرنا
إسرائيل ، عن
أبي يحيى ، عن
مجاهد ، في قول الله : (
وإذا العشار عطلت ) قال : سيبت : تركت .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قول الله : (
وإذا العشار عطلت ) قال : عشار الإبل .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
هوذة ، قال : ثنا
عوف ، عن
الحسن (
وإذا العشار عطلت ) قال : سيبها أهلها فلم تصر ، ولم تحلب ، ولم يكن في الدنيا مال أعجب إليهم منها .
[ ص: 241 ]
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
وإذا العشار عطلت ) قال : عشار الإبل سيبت .
حدثت عن
الحسين ، قال : سمعت
أبا معاذ ، يقول : ثنا
عبيد ، قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله : (
وإذا العشار عطلت ) يقول : لا راعي لها .